Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 7-7)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : جملة { مما قل … } الخ ، بدل { مما ترك } ، و { نصيبًا } : مصدر مؤكد كقوله : { فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ } [ النساء : 11 ] أي : نصب لهم نصيبًا مقطوعًا ، أو حال ، أو على الاختصاص ، أعني : نصيبًا مقطوعًا . يقول الحقّ جلّ جلاله : وإذا مات ميت وترك مالاً فللرجال نصيب مما ترك آباءهم وأقاربهم ، وللنساء نصيب مما ترك والدهن وأقاربهن كالإخوة والأخوات ، مما ترك ذلك الميت قل أو كثر ، { نصيبًا مفروضًا } واجبًا محتمًا . رُوِيَ أنَّ أَوْسَ بنَ ثَابتِ الأنْصَارِيَّ تُوفِيَّ ، وتَركَ امرأة يقال لها : أم كَحَّة وثلاثّ بناتٍ ، فأخذ ابْنَا عَمّ الميتِ المَالَ ، ولم يُعْطيا المرأَة ولا بَنَاتِه شيئًا ، وكان أَهلُ الجَاهلِيَّة لا يُورِّثُون النِّسَاءَ ولا الصغيرَ ولو كان ذكرًا ، ويقولون : إنما يَرث مَنْ يُحارب ويَذب عن الموروث ، فجاءت أمُ كحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مسجد الفضيخ ، فقالت : يا رسول الله إن أوس بن ثابت مات ، وترك بنات ثلاثًا ، وأنا اِمْرأته ، ولَيْس عِنْدِي مال أُنْفقُه عَليهنّ ، وقد تَرَك أبُوهُن مالاً حسنًا ، وهو عند سُويْدٍ وعَرْفَجَة ، فَدَعاهُما النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فقالا : يا رسُولَ الله ولَدُها لا يَركُب فَرسًا ، ولا يَحْمِل سِلاَحًا ، لا ينُكأ عَدُوًّا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " انْصَرِفُوا حتى أرى ما يُحدِثُ الله تعالى " ، فانْصرَفُوا . فنزلت الآية . فأثبت الله لهن في الآية حقًا ، ولم يُبِّين كم هو ــ فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى سُويد وعَرفجَة : " لا تُفرقا مِنْ مَال أوْسٍ شَيئًا ، فَإنّ الله تعالى جَعَل لِبنَاتِه نَصِيبًا ، ولم يبَّين كم هو حتى أنظُرَ ما يُنزل الله تعالى " ، فأنزل الله تعالى بعدُ : { يُوصِيكُمُ اللهُ ِفي أوْلادِكُمْ } [ النساء : 11 ] … إلى قوله … { الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [ النساء : 13 ] . فأرسل إليهما : " أن ادفعا إلى أم كحة الثُّمْن ، وإلى بناته الثُّلثين ، ولكما باقي المال " . الإشارة : كما جعل الله للنساء نصيبًا من الميراث الحسي جعل لهن نصيبًا من الميراث المعنوي ، وهو السر ، إن صحبتْ أهل السر ، وكان لها أبو الروحانية ، وهو الشيخ ، فللرجال نصيب مما ترك لهم أشياخهم من سر الولاية ، وللنساء كذلك على قدر ما سبق في القسمة الأزلية ، قليلة كانت أو كثيرة ، نصيبًا مفروضًا معينًا في علم الله وقدره ، وقد سواهن الله تعالى مع الرجال في آية السير ، فقال : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤمِنينَ وَالْمُؤمِنَاتِ } [ الأحزَاب : 35 ] إلى آخر الآية ، فمَنْ صار منهن مع الرجال أدرك ما أدركوا . وبالله التوفيق .