Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 21-22)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { هم أشد } : ضمير فصل ، وحقه أن يقع بين معرفتين ، إلا أنَّ أشد لَمَّا ضارع المعرفة في كونه لا يدخله الألف واللام أجرى مجراها . يقول الحق جلّ جلاله : { أَوَلَمْ يسيروا في } أقطار { الأرض فينظروا كيف كان عاقبةُ الذين كانوا من قبلهم } أي : مآل مَن قبلهم من الأمم المكذِّبة لرسلهم ، كعاد ، وثمود ، وأضرابهم ، { كانوا هم أشدَّ منهم قوةً } أي : قدرة وتمكُّناً من التصرف ، { وآثاراً في الأرض } وأشتد تأثيراً في الأرض ، ببناء القلاع الحصينة ، والمدائن المتينة . وقيل : المعنى : وأكثر آثاراً ، أي : ترك آثار في الأرض ، كالحصون وغيرها . { فأخَذَهم الله بذنوبهم } أخذاً وبيلاً ، { وما كان لهم من الله من واقٍ } أي : لم يكن لهم شيء يقيهم من عذاب الله . { ذلك } الأخذ { بأنهم } بسبب أنهم { كانت تأتيهم رُسُلُهم بالبينات } بالمعجزات الدالة على صدقهم ، أو : بالأحكام الظاهرة الجلية ، { فكفروا فأخذهم الله إِنه قويٌّ } ، متمكن مما يريد غاية التمكُّن ، قادر على كل شيء ، { شديدُ العقاب } لا يُؤبَه عند عقابه بعقاب . الإشارة : قال القشيري : أَوَلَمْ يسيروا بنفوسهم في أقطار الأرض ، ويطوفوا مشارقَها ومغاربَها ، فيعتبروا بها ، فيزهدوا فيها ؟ ويسيروا بقلوبهم في الملكوت بجَوَلان الفكر ، فيشهدوا أنوار التجلي ، فيستبصروا بها ؟ ويسيروا بأسرارهم في ساحات الصمدية ، فيُستهلكوا في سلطان الحقائق ، ويتخلَّصُوا من جميع المخلوقات قاصيها ودانيها ؟ ثم قال : قوله تعالى : { ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات } ، إِنْ بغى من أهل السلوك ، قاصدٌ لهم يصل إلى مقصوده ، فَلْيَعلم أنَّ موجِبَ حجبته اعتراضٌ خَامَرَ قلبَه على بعض شيوخه ، في بعض أوقاته ، فإِنَّ الشيوخَ بمحلِّ السفير للمريدين ، وفي الخبر : " الشيخ في أهله كالنبيِّ في أمته " . هـ . ثم سلَّى نبيه بقصة موسى عليه السلام ، فقال : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا } .