Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 38-40)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { وقال الذي آمن } أي : مؤمن آل فرعون : { يا قوم اتبعون } فيما دللتكم عليه ، { أَهدِكُم سبيلَ الرشادِ } أي : طريقاً يُوصل صاحبَه إلى المقصود . والرشاد : ضد الغيّ ، وفيه تعريضٌ بأن ما يسلكه فرعون وقومه سبيل الغيّ والضلال . { يا قوم إنما هذه الحياةُ الدنيا متاعٌ } أي : تمتُّع يسير لسرعة زوالها ، فالإخلاد إليها أصل الشر ، ومنبع الفتن ، ومنه يتشعّب فنون ما يؤدي إلى سخط الله . أَجْمل له أولاً ، ثم فَسَّر ، فاستفتح بذم الدنيا ، وتصغير شأنها ، ثم ثنَّى بتعظيم الآخرة ، وبيَّن أنها هي الموطن والمستقر بقوله : { وإِنَّ الآخرةَ هي دارُ القرارِ } لخلودها ، ودوامها ، ودوام ما فيها . قال ابن عرفة : التمتُّع بالدنيا مانع من الزهد ، وكون الآخرة دار مستقر يقتضي وجود الحرص على أسباب الحصول فيها . هـ . ثم ذكر الأعمال التي تُبعد عنها أو تُقرب إليها ، فقال : { مَن عَمِلَ سيئةً } في الدنيا { فلا يُجزَى } في الآخرة { إِلا مثلَها } عدلاً من الله تعالى . قال القشيري : له مثلها في المقدار ، لا في الصفة لأن الأولى سيئة ، والمكافأة حسنة ليست بسيئة . هـ . وقال ابن عرفة : في توفيه مماثلة العذاب الأبدي على كفر ساعة تتصور المماثلة ، إما باعتبار نيته الكفر دواماً ، وإما بأن يقال : ليس المراد المماثلة عقلاً ، بل المماثلة شرعاً . وفي الإحياء : قال الحسن : إنما خُلِّد أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار ، في النار ، بالنية ، وهو والله أعلم مقتبس من قوله تعالى : { أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ } [ إبراهيم : 44 ] . هـ . قاله المحشي . { ومَن عَمِلَ صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فأولئك } الذين عملوا ذلك { يدخلون الجنةَ يُرزقون فيها بغير حسابٍ } أي : بغير تقدير ، وموازنة بالعمل ، بل بأضعافٍ مضاعفة ، فضلاً من الله عزّ وجل ورحمة . قال القشيري : أي : مؤبداً مخلَّداً ، لا يخرجون من الجنة ، ولا مما هم عليه من الحال . هـ . وجعل العمل عمدة ، والإيمان حالاً للإيذان بأنه لا عبرة بالعمل بدونه . وأنَّ ثوابه أعلى من ذلك . الإشارة : قال الورتجبي : سبيل الرشاد : طريق المعرفة ، ومعرفة الله تعالى : موافقته ومتابعة أنبيائه وأوليائه ، ولا تحصل الموافقة إلا بترك مراد النفس ، ولذلك قال : { يا قوم إنما هذه الحياة الدينا متاع } . قال محمد بن علي الترمذي : لم تزل الدنيا مذمومة في الأمم السابقة ، عند العقلاء منهم ، وطالبوها مهانين عند الحكماء الماضية ، وما قام داع في أمة إلا حذَّر متابعةَ الدنيا وجمعها والحب لها ، ألا ترى مؤمن آل فرعون كيف قال : { اتبعون أهدكم سبيلَ الرشاد } ، كأنهم قالوا : وما سبيل الرشاد ؟ قال : { إِنما هذه الحياة الدنيا متاع } أي : لن تصل إلى سبيل الرشاد وفي قلبك محبة الدنيا وطلب لها . هـ .