Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 47-50)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : { وإِذ يتحاجُّونَ في النار } أي : واذكر لقومك وقت تخاصم الكفار في النار ، { فيقول الضعفاءُ } منهم { للذين استكبروا } وهم رؤساؤهم : { إِنا كنا لكم تَبَعاً } ، وهو جمع تابع ، كخادم وخدَم ، أو : ذوي تَبَع ، على أنه مصدر ، أو : وصف به للمبالغة ، { فهل أنتم مُغنونَ عنا نصيباً من النار } أي : فهل أنتم دافعون ، أو : حاملون عنا جزءاً من النار ؟ { قال الذين استكبروا إِنَّا كلٌّ فيها } ، التنوين عوض عن المضاف ، أي : كلنا فيها ، لا يُغني أحد عن أحد . وقرىء كُلاًّ بالنصب على التأكيد ، وهو ضعيف لخلوه من الضمير . { إِنَّ الله قد حَكَمَ بين العباد } قضى بينهم ، بأن أدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، لا مرد له ، ولا مُعقب لحُكمه ، فلا يُغني أحد عن أحد شيئاً . قال ابن عرفة : في الآية لف ونشر ، فقوله تعالى : { إِنَّ كلٌّ فيها } راجع لقوله : { إِنا كنا لكم تبعاً } أي : إنا قد حصلنا جميعاً في النار ، فَجُوزي كلٌّ على قدر عمله ، أنتم على ضلالكم ، ونحن على إضلالنا إياكم . وقوله : { إِن الله قد حكم بين العباد } راجع لقوله : { فهل أنتم مُغنون عنا } وبهذا المعنى يتقرر الجواب . هـ . { وقال الذين في النار لخزنةِ جهنَّمَ } للقُوّام بتعذيب أهلها ، وإنما لم يقل : لخزنتها لأن في ذكر جهنم تهويلاً وتفظيعاً ، ويحتمل أنّ جهنم هي أبعدُ النار قعراً ، من قوله : بئر جَهنام ، أي : بعيدة القعر ، وفيها أعتى الكفرة وأطغاهم ، أو : لكون الملائكة الموكّلين بعذاب أهلها أقدر على الشفاعة لمزيد قربهم من الله ، فلهذا تعمّدوهم بطلب الدعوة ، فقالوا لهم : { ادعوا ربكم يُخفّفْ عنا يوماً } أي : مقدارَ يوم من الدنيا { من العذابِ } ، واقتصارهم في الاستدعاء على ما ذكر في تخفيف قدر يسير من العذاب في مقدار قصير من الزمان ، دون رفعه رأساً ، أو : تخفيف منه في زمان مديد لأن ذلك عندهم ليس في حيز الإمكان ، أو لا يكاد يدخل تحت أمانيهم . { قالوا } أي : الخزنة ، توبيخاً لهم ، بعد مدة طويلة : { أَوَلَمْ تَكُ } أي : القصة { تأتيكم رُسلُكم بالبينات } بالمعجزات ، يَتْلُون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا ؟ أرادوا بذلك إلزامهم الحجة ، وتوبيخهم على إضاعة أوقات الدعاء ، وتعطيل أسباب الإجابة ، { قالوا } أي : الكفار : { بلى } أتونا بها ، فكذبناهم وقلنا : ما نزَّل اللهُ من شيء . { قالوا } أي : الخزنة تهكُّماً بهم : { فادْعُوا } أي : إذا كان الأمر كذلك فادعوا أنتم ، فإنَّ الدعاء لمَن يفعل ذلك مما يستحيل صدوره . منا . زاد البيضاوي : إذ لم يؤذن لنا في الدعاء لأمثالكم ، وبحث معه أبو السعود بأنه يُوهم أن المانع هو عدم الإذن ، وأنَّ الإذن في حيز الإمكان ، ولا تجوز الشفاعة في كافر . انظره . قال تعالى : { وما دعاءُ الكافرين إِلا في ضلالٍ } في ضياع وبطلان ، لا يُجابون فيه لأنهم دعوا في غير وقته ، ويحتمل أن يكون من كلام الخزنة . والله تعالى أعلم . الإشارة : الآية تجر ذيلها على كلّ مَن له جاه ، فدعا إلى سوء ، بمقاله أو حاله ، فتبعه العامة على ذلك ، فيتحاجُّون يوم القيامة فيقول المستضعفون : إنا كنا لكم تبعاً . فكل مَن أمر بسوء ، وفُعِل ، عُوقب الآمر والمأمور ، وكل مَن فعل فعلاً خارجاً عن السُنَّة ، كالرغبة في الدنيا ، والتكاثر منها ، فتبعه العامة على ذلك ، عُوتب الجميع ، وبالله التوفيق . ثم وعد أهل الحق بالنصر ، فقال : { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } .