Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 57-59)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { لَخلقُ السماوات والأرض أكبرُ من خلقِ الناسِ } ، فمَن قدر على اختراع هذه الأجرام مع عظمها كان على اختراع الإنسان بعد موته وبعثه مع مهانته أقدر ، { ولكن أكثرَ الناس لا يعلمون } ذلك لأنهم لا يتفكرون لغلبة الغفلة عليهم ، وعمى بصيرتهم . { وما يستوي الأعمى والبصيرُ } أي : الغافل والمستبصر ، { ولا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيءُ } ولا يستوي المحسن والمسيء ، فلا بد أن تكون لهم حال أخرى ، يظهر فيها ما بين الفريقين من التفاوت ، وهي فيما بعد البعث ، فيرتفع المستبصر المحسن في أعلى عليين ، ويسقط الغافل المسيء في أسفل سافلين . وزيادة " لا " في المسيء لتأكيد النفي لطول الكلام بالصلة . { قليلاً ما يتذكرون } أي : تذكراً قليلاً يتذكرون . وقرىء بالغيبة ، والخطاب ، على الالتفات . { إِنَّ الساعة لآتيةٌ لا ريبَ فيها } لا شك في مجيئها لوضوح دلائلها ، وإجماع الرسل على الوعد بوقوعها ، { ولكنَّ أكثرَ الناسِ لا يؤمنون } لا يُصدقون بوقوعها لقصور نظرهم على ظواهر ما يحسُّون . الإشارة : التفكُّر في العوالم العلوية والسُفلية ، يُوجب في القلب عظمة الحق جلّ جلاله ، وباهر قدرته وحكمته ، وإتيان البعث لا محالة لنفوذ القدرة في الجميع . وكونُ خلق السموات والأرض أكبر من خلق الإنسان ، إنما هو باعتبار الجرم الحسي ، وأما باعتبار المعنى فالإنسان أعظم لاشتماله على العوالم كلها ، كما قال في المباحث :