Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 5-6)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : { كذَّبتْ قبلهم قومُ نوحٍ } نوحاً ، { والأحزابُ } أي : الذين تحزّبوا على الرسل ، وناصبوهم العداوة ، { من بعدِهم } أي : من بعد قوم نوح ، كعاد ، وثمود ، وقوم لوط ، وأضرابهم ، { وهَمَّتْ كلُّ أُمَّةٍ } من تلك الأمم الماضية { برسولهم ليأخذوه } ليتمكنوا منه ، فيُصيبوا ما أرادوا من تعذيب أو قتل . والأخذ : الأسر . { وجادلوا بالباطل } الذي لا أصل له ، ولا حقيقة لوجوده ، { ليُدْحِضُوا بِه الحقَّ } ليُبطلوا به الحق الذي جاءت به من الإيمان وغيره ، { فأخَذتهُم } بسبب ذل أخذاً وبيلاً ، { فكيف كان عقابِ } الذي عاقبتم به ، فإنَّ آثار ديارهم عرضة للناظرين ، وسآخذ هؤلاء أيضاً لاتحادهم في السرة ، واشتراكهم في الجريرة ، كما ينبىء عنه قوله : { وكذلك حقَّتْ كلمتُ ربك } أي : كما وجب حُكم الله تعالى وقضاؤه بالتعذيب على أولئك الأمم المكذِّبة ، المجترئة على رسلهم ، المجادلة بالباطل لإدحاض الحق ، وجب أيضاً { على الذين كفروا } بك ، وتحزّبوا عليك ، وهَمُّوا بما لم ينالوا ، كما يُنبىء عنه إضافة اسم الرب إلى ضميره صلى الله عليه وسلم فإن ذلك للإشعار بأنَّ وجوب كلمة العذاب من أحكام التربية ، التي من جملتها : نصرته صلى الله عليه وسلم ، وتعذيب أعدائه ، وذلك إنما يتحقق بكون الموصول عبارة عن كفار قومه ، لا عن الأمم المهلكة . وقوله تعالى : { أنهم أصحاب النار } في حيز النصب ، بحذف لام التعليل ، أي لأنهم مستحقو أشد العقوبات وأفظعها ، الذي هو عذاب النار ، وملازمتها أبداً ، لكونهم كفاراً معاندين ، متحزِّبين على الرسول صلى الله عليه وسلم ، كدأب مَن قبلهم مِن الأمم المهلَكة ، وقيل : إنه في محل رفع ، على أنه بدل من " كلمة ربك " ، والمعنى : ومثل ذلك الوجوب وجب على الكفرة المهلكة كونهم من أصحاب النار ، أي : كما وجب إهلاكهم في الدنيا بعذاب الاستئصال وجب تعذيبهم في الآخرة بعذاب النار ، ومحل الكاف من كذلك على التقديرين : النصب ، على أنه نعت لمصدر محذوف . الإشارة : الأولياء على قَدم الرسل ، فكل ما لحق الرسل من الإيذاء يلحق الأولياء ، فقد كُذِّبت ، وتحزَّب عليهم أهلُ عصرهم ، وهمُّوا بأخذهم ، وجادلوا بالباطل ليُدحضوا نورَ الله بأفواههم ، والله مُتمُّ نوره ، فأخذهم الله بالخذلان والبُعد ، والخلود في نار القطيعة والحجاب ، والعياذ بالله . ثم ذكر شرف الإيمان وأهله ، فقال : { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ } .