Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 77-78)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : { فاصبرْ } يا محمد على أذى قومك ، وانتظر ما يلاقوا مما أُعِد لهم . { إِنَّ وعدَ الله } بإهلاكهم وتعذيبهم { حقٌّ } كائن لا محالة ، { فإِما نُريَنَّكَ بعضَ الذي نَعِدُهُم } من الهلاك ، كالقتل والأسر في حياتك ، { أوْ نتوفينّك } قبل هلاكهم بعدك ، { فإِلينا يُرجعون } لا محالة ، فـ " ما " : صلة بعد " أن " ، لتأكيد الشرطية ، والجواب : محذوف ، أي : فإن نُرينك بعض ما نعدهم فذاك ، أو نتوفينك قبل ذلك فإلينا يُرجعون يوم القيامة ، فلننتقم منهم أشد الانتقام . ثم سلاّه بمَن قبله ، فقال : { ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك } فأُوذوا وصبروا حتى جاءهم نصرنا ، { منهم مَن قَصصْنا عليك } في القرآن ، { ومنهم مَن لم نقصصْ عليك } ، قيل : عدد الأنبياء عليهم السلام مائة ألف وأربعمائة وعشرون ألفاً ، والمذكور قصصهم في القرآن أفراد معدودة . قال الطيبي : والصحيح ما روينا عن أحمد بن حنبل ، عن أبي ذر ، قلت : يا رسول الله ، كم عدد الأنبياء ؟ قال : " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً ، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جمّاً غفيراً " هـ . وقد تكلم في الحديث بالضعف والصحة والوضع ، وقيل : عدتهم ثمانية آلاف ، أربعة آلاف نبيّ من بني إسرائيل ، وأربعة آلاف من سائر الناس . وعن عليّ كرّم الله وجهه : " إنه الله تعالى بعث نبيّاً أسود ، فهو ممن لم تُذكر قصته في القرآن " . فقوله تعالى : { ومنهم مَن لم نقصص عليك } أي : في القرآن ، فلا ينافي إخباره بمطلق العدد على ما في حديث أبي ذر . { وما كان } أي : ما صحّ ، ولما استقام { لرسولٍ } منهم { أن يأتيَ بآيةٍ } مما اقترح عليه قومه ، { إِلا بإذن الله } . فإنَّ المعجزات على تشعُّب فنونها ، عطايا من الله تعالى ، قسمها بينهم على حسب المشيئة ، المبنية على الحِكَم البالغة ، وهذا جواب اقتراح قريش على رسول الله الآيات عناداً ، يعني إنَّا قد أرسلنا كثيراً من الرسل ، وما استقام لأحد منهم أن يأتي بآية { إِلا بإذن الله } ومشيئته ، فمَن لي بأن آتي بآية مما تقترحونه إِلاَّ أن يشاء الله ، ويأذن في الإتيان بها ؟ { فإذا جاء أمرُ الله } بهلاكهم ، أو : بقيام الساعة ، { قُضي بالحقِ } أي : بإنجاء المُحق وإثابته ، وإهلاك المبطل وتعذيبه ، { وخَسِرَ هنالك المبطلون } أي : المعاندون المقترحون للآيات ، أو : المتمسكون بالباطل ، فيدخل المقترحون المعاندون دخولاً أولياً . الإشارة : فاصبر أيها المتوجه إلى الله على الأذى وحمل الجفاء ، فإما أن ترى ما وُعد أهلُ الإنكار على الأولياء ، من التدمير ، وقطع الدابر ، في حياتك ، أو يلحقهم بعد موتك . ولقد أُوذي من قبلك ، منهم مَن عرفت ومنهم مَن لم تعرف ، وما صحّ لأحد منهم أن يُظهر كرامةً إلا بإذن الله ، فإذا جاء أمر الله وقامت القيامة ، قُضي بالحق ، فيرتفع أهل الصبر من المقربين ، في أعلى عليين ، وينخفض أهل الإذاية في أسفل سافلين . ثم ذكَّرهم بالنعم الحسية ، فقال : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَنْعَامَ } .