Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 13-14)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : { إِن الذين قالوا ربُّنا اللّهُ ثم استقاموا } أي : جمعوا بين التوحيد ، الذي هو خاصة العلم ، والاستقامة في الظاهر ، التي هي منتهى العمل ، { فلا خوفٌ عليهم } من لحوق مكروه ، { ولا هم يحزنون } على فوات مرغوب ، و " ثم " للدلالة على تراخي رتبة العمل ، وتوقف الاعتداد به على التوحيد . ودخلت الفاء لتضمن الموصول معنى الشرط ، والتعبير بالمضارع للدلالة على دوام نفي الحزن عنهم ، { أولئك } الموصوف بما ذكر من الاسمين الجليلين ، { أصحابُ الجنة خالدينَ فيها } حال من أصحاب الجنة ، والعامل : معنى الإشارة ، { جزاء بما كانوا يعملون } من الأعمال الصالحة ، و " جزاء " مصدر لمحذوف ، أي : جوّزوا جزاء ، أو بمعنى ما تقدم ، فإن قوله : { أولئك أصحاب الجنة } في معنى : جزيناهم . الإشارة : مضى تفسير الاستقامة ، وأنَّ مَن درج على الإيمان والاستقامة حظي بكل كرامة ، ووصل إلى جزيل السلامة ، وقيل : السين في الاستقامة سين الطلب ، وأنَّ المستقيم يتوسل إلى الله تعالى في أن يقيمه على الحق ، ويثبته على الصدق . هـ . قال الورتجبي : ما قال القوم هذا القول - أي : " ربنا الله " - حتى شاهدوه بقلوبهم ، وعقولهم ، وأرواحهم ، وأسرارهم ، مشاهدة الحق سبحانه ، فإذا رأوه يقولون : هذا الهلال ، وصاحوا ، وضحكوا ، فهذا القول منهم بعد كشف مشاهدة الحق لهم ، فلما رأوه أبحوه وعرفوه ، وشربوا من بحار وصالة ، حتى تمكنوا ، فاستقاموا بقوتها في موازاة رؤية أنوار الأزل والآباد ، واستقاموا في مراد الله منهم ، وأداء حقوق عبوديته ، فلا يبقى عليهم خوف الحجاب ، ولا حزن العتاب ، قال الله تعالى : { فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون } هـ . ثم وصَّى بالربوبية الصغرى بعد الكبرى ، فقال : { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً } .