Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 4-6)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { قل } يا محمد ، توبيخاً وتبكيتاً لهم : { أرأيتم } أخبروني { ماتَدْعون من دون الله } ما تعبدون من الأصنام من دون الله ، { أَرُونِي ماذا خلقوا من الأرض } أيّ شيء خَلقوا في الأرض إن كانوا آلهة ؟ { أم لهم شِرْكٌ في السماوات } أي : أم لهم شركة مع الله في خلق السموات ، حتى يتوهم أن تكون لهم شائبة استحقاق للعبادة ؟ فإنَّ مَن لا مدخل له في شيء من الأشياء ، بوجه من الوجوه ، بمعزل من ذلك الاستحقاق بأسره ، وإن كان من الأحياء العقلاء ، فما ظنك بالجماد ؟ { ائتُوني بكتابٍ مِن قبل هذا } أي : من قبل القرآن ، يعني : أن هذا الكتاب ناطق بالتوحيد ، وإبطال الشرك ، وما من كتاب أنزل مِن قَبله من كتب الله إلا وهو ناطق بمثل ذلك ، فأتوا بكتاب واحد مُنزل مِن قبله ، شاهد بصحة ما أنتم عليه من عبادة غير الله ، { أو أثَارةٍ من عِلم } أو بقيةٍ من علم بقيت عندكم من علوم الأقدمين ، شاهدة باستحقاق الأصنام للعبادة ، { إِن كنتم صادقين } في أن الله أمركم بعبادة الأوثان ، فإن الدعوى لا تصح ما لم يقم عليها برهان عقلي ، ولا سلطان نقلي ، وحيث لم يقم عليها شيء ، بل قامت على خلافها أدلةُ العقل والنقل تبين بطلانها . { ومَن أضلُّ } أي : لا أحد أشد ضلالاً { ممن يدعو مِن دون الله مَن لا يستجيبُ له إِلى يوم القيامة } غاية لنفي الإجابة ، { وهم عن دعائهم غافلون } لأنهم جمادات لا يسمعون . { وإِذا حُشر الناسُ } عند قيام الساعة { كانوا لهم أعداءً } أي : الأصنام لعَبَدَتِهَا ، { وكانوا } أي : الأصنام { بعبادتهم كافرين } جاحدين ، يقولون : ما دعوناهم إلى عبادتنا ، والحاصل : أنهم في الدنيا لا ينفعونهم ، وفي الآخرة يتبرؤون منهم ، ويكونون عليهم ضِداً ، ولَمَّا أسند إليهم ما يُسند إلى العقلاء من الاستجابة والغفلة عبَّر عنهم بـ " من " و " هم " ، ووصفُهم بترك الاستجابة تهكماً بها وبعبدَتِها . والله تعالى أعلم . الإشارة : يقال لأهل الغفلة : أرأيتم ما تركنون إليه من الخلق ، هل لهم قوة على نفعكم أو ضركم ؟ { أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شِرك في السماوات … } الآية . فلا أحد أضل ممن يرجو الضعيف مثله ، الذي لا يستجيب له إلى يوم القيامة ، وهو غافل عن إجابته في الحال والمآل ، وإذا أحبّه على هوى الدنيا صارت يوم القيامة عداوة ومقتاً . ثم ذكر كفرَهم بالتنزيل المتقدم ، فقال : { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ } .