Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 35-35)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحقّ جلّ جلاله : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } ، ولا تسلكوا سبيل بني إسرائيل الذين جاءتهم الرسل ، فعصوا وأفسدوا { وابتغوا إليه الوسيلة } أي : اطلبوا ما تتوسلون به إلى رضوانه ، والقرب من جناب قدسه من الطاعات ، وترك المخالفات ، { وجاهدوا في سبيله } بمحاربة أعدائه الظاهرة والباطنة { لعلكم تفلحون } بالوصول إلى الله والفوز بكرامته . الإشارة : لا وسيلة أقرب من صحبة العارفين ، والجلوس بين أيديهم وخدمتهم ، والتزام طاعتهم ، فمن رام وسيلة توصله إلى الحضرة غير هذه فهو جاهل بعلم الطريق . قال أبو عمرو الزجّاجي رضي الله عنه : لو أن رجلاً كشف له عن الغيب ، ولا يكون له استاذ لا يجيء منه شيء . وقال إبراهيم بن شيبان رضي الله عنه : لو أن رجلاً جمع العلوم كلها ، وصحب طوائف الناس ، لا يبلغ مبلغ الرجال إلا بالرياضة ، من شيخ أو إمام أو مؤدب ناصح ، ومن لا يأخذ أدبه من آمر له وناهٍ يريه عيوبَ أعماله ورُعونات نفسه ، لا يجوز الاقتداء به في تصحيح المعاملات . هـ . وقال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه : كل من لا يكون له في هذا الطريق شيخ لا يفرح به . هـ . ولو كان وافر العقل منقاد النفس ، واقتصر على ما يلقى إليه شيخ التعليم فقط ، فلا يكمل كمال من تقيد بالشيخ المربي لأن النفس أبدًا كثيفة الحجاب عظيمة الإشراك ، فلا بد من بقاء شيء من الرعونات فيها ، ولا يزول عنها ذلك ، بالكلية ، إلا بالانقياد للغير والدخول تحت الحكم والقهر ، وكذلك لو كان سبقت إليه من الله عناية وأخذه الحق إليه ، وجذبه إلى حضرته ، لا يؤهل للمشيخة ، ولو بلغ ما بلغ ، والحاصل : أن الوسيلة العظمى ، والفتح الكبير ، إنما هو في التحكيم للشيخ ، لأن الخضوع لمن هو من جنسك تأنفه النفس ، ولا تخضع له إلا النفس المطمئنة ، التي سبقت لها من الله العناية . والله تعالى أعلم . ثم ذكر ضد أهل التقوى ، فقال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُمْ } .