Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 52, Ayat: 24-28)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : { ويطوفُ عليهم } أي : بالكأس أو : في شأن الخدمة كلها { غِلْمانٌ لهم } أي : مماليك مخصصون بهم ، قيل : أولاد الكفار الذين ماتوا صِغاراً ، وقيل : تُوجدهم القدرةُ من الغيب ، وفي الحديث : " إن أدنى أهل الجنة منزلة مَن يُنادِي الخادِمَ مِن خدامه ، فيجيبه ألفٌ ، كلهم يُناديه : لبيك لبيك " قلت : هذا في مقام أهل اليمين ، وأما المقربون فإذا اهتمُّوا بشيء حضر ، بغلامٍ أو بغير غلام ، من غير احتياج إلى نداء ، وقال ابن عمر رضي الله عنه : ما من أحد من أهل الجنة إلا يسعى عليه ألف غلام ، كل غلام على عمل ما عليه صاحبه . { كأنهم } من بياضهم وصفائهم { لؤلؤٌ مكنون } مصوف في الصدف لأنه حينئذ يكون أصفى وأبهى ، أو مخزون لأنه لا يخزن إلا الثِمن الغالي القيمة . قيل لقتادة : هذا الخادم فكيف المخدوم ؟ فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم " . { وأقبل بعضُهم على بعضٍ يتساءلون } يسأل بعضُهم بعضاً عن أحواله وأعماله ، وما استحق به نيل ما عند الله ، فكل بعض سائر ومسؤول . { قالوا } أي : المسؤولون في جوابهم ، وهم كل واحد منهم في الحقيقة : { قالوا } أي : المسؤولون في جوابهم ، وهم كل واحد منهم في الحقيقة : { إِنَّا كنا قبلُ في أهلنا } أي : في الدنيا { مُشفقين } أرِقَّاء القلوب من خشية الله ، أو : خائفين من نزع الإيمان وفوت الأمان ، أو : من ردّ الحسنات وأخذ بالسيئات ، أو : واجلين من العاقبة ، { فمنَّ اللّهُ علينا } بالمغفرة والرحمة { ووقانا عذابَ السَّموم } وهي الريح الحارة ، التي تدخل المسامّ ، فسمّيت بها نار جهنم لأنها بهذه الصفة . { إِنَّا كنا قَبلُ } أي : من قبل لقاء الله والمصير إليه - يعنون : في الدنيا : { نَدْعُوه } نعبده ولا نعبد غيره ، أو نسأله الوقاية ، { إِنه هو البَرُّ } المحسن { الرحيمُ } الكثير الرحمة ، الذي إذا عُبد أثاب ، وإذا سُئل أجاب ، وقرأ نافع والكسائي بالفتح ، أي : لأنه ، أو بأنه . الإشارة : ويطوف على قلوبهم علومٌ وهبية ، وحِكَمٌ غيبية ، تزهو على اليواقيت المكنونة . وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون : كيف سلكوا طريق الوصول ، وكيف كانت مجاهدة كل واحد ومسيره إلى الله ، إما تحدُّثاً بالنعم ، أو : للاقتداء بهم ، وفي الحِكَم : " عبارتهم إما لفيضان وَجدٍ أو : لهداية مريد " . إنَّا كنا قبلُ الوصول في أهلنا ، أي : في عالم الإنسانية مشفقين من الانقطاع والرجوع ، خائفين من سَموم صفات البهيمية والشيطانية ، والشهوات الدنيوية ، فإنها تهب بسموم قهر الحق ، قهر بها جُلّ عباده فانقطعوا عنه ، فمنَّ الله علينا ، ووصلنا بما منه إلينا ، لا بما منا إليه ، ووقانا عذاب السموم ، وهو الحرص والجزع ، والانقطاع عن الحبيب ، ولولا فضله ما تخلّصنا منه ، إنّا كنا من قبل الوصول ندعوه أن يأخذ بأيدينا ، ويجذبنا إلى حضرته ، ويرحمنا بالوصول ، ويبرّ بنا ، إنه هو البر بمزيده ، الرحيم بمَن يُنيب إليه . ثم أمر نبيَّه باستمراره على ما أمره به من التذكير فيما سلف ، فقال : { فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ } .