Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 52, Ayat: 44-47)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { وإِن يَرَوا كِسْفاً } قطعة { من السماء ساقطاً } عليهم لتعذيبهم ، { يقولوا } من فرط طغيانهم وعنادهم : هذا { سَحَابٌ مركومٌ } أي : تَرَاكَم بعضها على بعض لمطرنا ، ولم يُصدقوا أنه ساقط عليهم لعذابهم ، يعني : أنهم بلغوا في الطغيان بحث لو أسقطناه عليهم حسبنا قالوا : { أَوْ تُسْقِطَ السَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً } [ الإسراء : 92 ] لعاندوا وقالوا سحاب مركوم . { فذرهم حتى يُلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون } ، وهو اليوم الذي صُعقوا فيه بالتقل يوم بدر ، لا عند النفخة الأولى ، كما قيل إذ لا يصعق بها إلا مَن كان حيّاً حينئذ . وقرأ عاصم والشامي بضم الياء ، يقال : صعقه ، فصُعق ، أو : من أصعقه . { يوم لا يُغني عنهم كيدُهم شيئاً } من الإغناء ، بدل من " يومهم " ولا يخفى أن التعرُّض لبيان عدم نفع كيدهم يستدعي استعمالهم له في الانتفاع به ، وليس ذلك إلا ما دبّروه في أمره صلى الله عليه وسلم من الكيد يوم بدر ، من مناشبتهم القتال ، وقصد قتله خفية ، وليس يجري في نفخة الصعق شيء من الكيد والحيل ، فلا يليق حمله عليه . { ولا هم يُنصرون } من جهة الغير في دفع العذاب عنهم . { وإِنَّ للذين ظلموا } أي : لهم ، ووضع الموصول موضع الضمير تسجيلاً عليهم بالظلم ، أي : وإنَّ لهؤلاء الظلمة { عذاباً } آخر { دون ذلك } دون ما لاقوه من القتل ، أي : قبله ، وهو القحط الذي أصابهم ، حتى أكلوا الجلود الميتة . أو : وإنَّ لهم عذاباً دون ذلك ، أي : وراءه ، وهو عذاب القبر وما بعده من فنون عذاب الآخرة . { ولكنَّ أكثرهم لا يعلمون } أن الأمر كما ذكر ، وفيه إشارة إلى أن فيهم مَن يعلم ذلك ، وإنما يصر على ذلك عناداً : أو لا يعلمون شيئاً أصلاً إذ هم جاهلية جهلاء . الإشارة : أهل الحسد والعناد لا ينفعهم ما يرونه من المعجزات والكرامات ، أو الحسد يُغطي نور البصيرة ، فذرهم في غفلتهم وحيرتهم ، وكثافة حجابهم ، حتى يُصعقوا بالموت فيعرفون الحق ، حين لا تنفع المعرفة فيقع الندم والتحسُّر ، وإنَّ لهم عذاباً دون ذلك ، وهو عيشهم في الدنيا عيش ضنك في هَم وغم وجزع وهلع ، ولكنَّ أكثرهم لا يعلمون ذلك لأنهم لا يرون إلا مَن هو مثلهم . ومَن توسعت دائرة معرفته ، فعاش في روح وريحان ، فهو غائب عنهم ، لا يعرفون مقامه ، ولا منزلته . ثم أمر بالصبر ، الذي هو عنوان الظفر بكل مطلوب ، فقال : { وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } .