Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 8-8)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { ألم تَرَ إِلى الذين نُهوا عن النجوى ثم يعودون لما نُهوا عنه } نزلت في اليهود والمنافقين ، كانوا يتناجون فيما بينهم ، ويتغامزون بأعينهم إذا رأوا المؤمنين ، يريدون أن يغيظوهم ، فنهاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فعادوا لمثل فعلهم . والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم . والهمزة للتعجيب مِن حالهم ، وصيغة المضارع للدلالة على تكرير عودهم وتجدُّده ، واستحضار صورته العجيبة . وفي السِّيَر : أنه أمر بإخراجهم من المسجد ، فأُخرجوا مجرورين ، كما في الاكتفاء . { ويتناجون بالإِثم والعُدوان } أي : بما هو إثم في نفسه وعدوان للمؤمنين ، { ومعصيتِ الرسول } أي : وتواصٍ بمعصية الرسول . وذكره صلى الله عليه وسلم بعنوان الرسالة بين الخطابين المتوجهيْن إليه عليه السّلام لزيادة تشنُّعهم واستعظام معصيتهم ، { وإِذا جاؤوا حَيَّوكَ } أي : سلَّموا عليك { بما لم يُحَيِّك به اللهُ } بما لا يُسلم عليك الله تعالى ، فكانوا يقولون في تحيتهم : السام عليك يا محمد . والسام : الموت ، والله تعالى يقول في سلامه على رسوله : { وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى } [ النمل : 29 ] { وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ } [ الصفات : 181 ] . { ويقولون في أنفسِهم } أي : فيما بينهم ، أو في ضمائرهم ، { لولا يُعذبُنا اللّهُ بما نقول } هلاّ يُعذبنا الله بذلك ، فلو كان نبيّاً لعاقبنا بالهلاك ، قال تعالى : { حَسْبُهم } عذاباً { جهنمُ يصلونها } يدخلونها فيحترقون فيها ، { فبئس المصيرُ } المرجع جهنم . الإشارة : ألم ترَ إلى الذين نُهوا عن الوقوع في أهل الخصوصية ، والتناجي بما يسؤوهم ثم يعودون لما نُهوا عنه ، ويتناجون بالإثم والعدوان ، وما فيه فساد البين وتشتيت القلوب ، ومعصية الرسول بمخالفة سنته ، وإذا جاؤوك أيها العارف ، الخليفة للرسول ، حيَّوك بما لم يُحيك به الله ، أي : خاطبوك بما لم يأمر الله أن تُخاطَب به من التعظيم ، ويقولون في أنفسهم ، لولا يُعذبنا الله بن نفعل من تصغيرهم ، حسبهم نار القطيعة والبُعد ، مُخلّدون فيها ، فبئس المصير . ثم أمر المؤمنين بعكس ذلك ، فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ } .