Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 9-10)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : { يا أيها الذين آمنوا إِذا تناجيتم } في أنديتكم وفي خلواتكم { فلا تتناجَوا بالإِثم والعدوانِ ومعصيتِ الرسول } كفعل هؤلاء المنافقين ، { وتناجَوا بالبِرِّ والتقوى } أي : بما تضمن خير المؤمنين ، والاتقاء عن معصية الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو : بأداء الفرائض وترك المعاصي ، { واتقوا اللهّ الذي إِليه تحشرون } فيُجازيكم بما تتناجون به من خير أو شر ، { إِنما النجوى } المعهودة التي هي التناجي بالإثم والعدوان ، { من الشيطان } لا من غيره ، فإنه المزيِّن لها والحامل عليها { لِيَحْزُنَ } بها { الذين آمنوا } بتوهيمه أنها في نكبةٍ أصابتهم ، أو أصابت إخوانهم ، او في الاشتغال بثلْمهم وتنقيصهم . ولهذا نهى الشارع أن يتناجى اثنان دون الثالث ، لئلا يتوهم أنهم يتكلمون فهي . قال تعالى { وليس بضارَّهم } أن يتناجى اثنان دون الثالث ، لئلا يتوهم أنهم يتكلمون فهي . قال تعالى { وليس بضارِّهم } أي : وليس الشيطان أو الحزن بضارهم { شيئاً } من الأشياء ، أو شيئاً من الضرر { إِلاّ بإِذن الله } بمشيئته ، { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } فلا تُبالوا بنجواهم ، فإنَّ الله تعالى يعصمهم من شره وضرره ، فيلكلوا أمرَهم إلى الله ، ويتعوّذوا من شر الشيطان ، فإنَّ كيده ضعيف . قال القشيري : إنما قَبُحَ التناجي منهم ، وعَظُمَ خطره لأنه تضمَّن فسادَ ذات البيْن ، وخيرُ الأمور ما عاد بإصلاح ذات البيْن ، وبعكسه يكون الأمر بالضد ، يعني : فيعظم خطر التناجي بالبر والتقوى ، وبما يقرب إلى الله . ثم قال : إذا كانت المشاهدة غالبةً ، والقلوب حاضرةً ، والتوكل صحيحاً ، والنظرُ في موضعه صائباً ، فلا تأثير لهذه الحالات ، أي : لحزن الشيطان وتوهيمه وإضراره ، وإنما هذا للضعفاء . هـ . الإشارة : يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم مع قلوبكم وأسراركم فلا تتناجوا بالإثم ، وهو تدبير أمر الدنيا وشؤونها ، بل غيبوا عنها يأتيكم نصيبكم منها ، مع الفوز بالحضور مع الله ، ولا تتناجوا بالعدوان ، وهو شغل القلب بأمر الخلق ، دفعاً وجلباً ، ضرّاً ونفعاً ، إذ ليس بيدهم شيء ، ومعصية الرسول ، وهو إضمار ترك السُنة ، أو مخالفة أمر المشايخ ، وتَناجَوا بالبر ، وهو الفكرة في عظمة الله ، والتقوى ، وهو الغيبة عما سوى الله بِحَصر القلب عن الخروج من الحضرة ، واتقوا الله بترك ما سواه ، الذي إليه تُحشرون فيُدخلكم في مقعد صدق عند مليك مقتدر . إنما النجوى ، أي : الفكرة في الدنيا ، من الشيطان لأنّ له بيتاً في القلب لجهة الشمال ، إذا ذكر الله انخنس ، وإذا غفل القلب وسوس بهموم الدنيا ، ليَحْزُن الذين آمنوا ليكدر عليهم وقتهم ، وليس بضارِّهم شيئاً إذا قَوِيَ نور الإيمان إلاّ بإذن الله ومشيئته ، فلا تسليط له من نفسه . وليس بضارِّهم شيئاً إذا قَوِيَ نور الإيمان إلاّ بإذن الله ومشيئته ، فلا تسليط له من نفسه . وعلى الله فليتوكل المؤمنون ، فإذا صحّ توكلهم حَفِظَهم منه ، لقوله تعالى : { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } [ النحل : 99 ] ، وقد تقدّم عن القشيري : أنّ الأقوياء لا يلحقهم شيء من حزنه وإضراره . وبالله التوفيق . ولمّا نهى المؤمنين عما هو سبب التباغض ، أَمَرَهم بما هو سبب التودُّد والتقارب ، فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ } .