Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 114-115)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { غير } : مفعول ، و { حَكَمًا } : حال ، وهو أبلغ من حاكم ، ولذلك لا يوصف به غير العادل ، و { صدقًا وعدلاً } : تمييز ، أو حال ، أو مفعول به . يقول الحقّ جلّ جلاله : قل يا محمد : { أفغير الله } أطلبُ { حَكَمًا } يحكم بيني وبينكم ، ويفصل المحق مِنَّا من المبطل ، { وهو الذي أنزل إليكم الكتاب } أي : القرآن المعجز ، { مُفصَّلاً } مُبينًا قد بيّن فيه الحق من الباطل ، بحيث انتفى به الالتباس ، فهو الحاكم بيني وبينكم ، فلا أطلب حاكمًا غيره ، وفيه تنبيه على أن القرآن بإعجازه مُغنٍ عن سائر الآيات . { والذين آتيناهم الكتاب } كأحبار اليهود ، { يعلمون أنه منزل من ربك بالحق } لتصديقه ما عندهم ، وموافقته له في كثير من الأخبار ، { فلا تكونن من الممترين } في أنهم يعلمون ذلك ، أو في أنه منزل من ربك ، والمراد غيره عليه الصلاة والسلام ممن يطرقه ارتياب ، والمعنى : أن الأدلة تعاضدت على صحته ، فلا ينبغي لأحد أن يمتري فيه . { وتمت كلمة ربك } آيات القرآن ، بلغت الغاية في التمام والكمال ، { صِدقًا وعدلاً } أي : من جهة الصدق والعدل ، صدقًا في الأخبار والمواعيد ، وعدلاً في الأقضية والأحكام ، فلا أصدَق منها فيما أخبرت ، ولا أعدل منها فيما حكمت ، { لا مبدل لكلماته } أي : لا أحد يقدر أن يبدل منها شيئًا بما هو أصدق وأعدل ، ولا أن يحرف شيئًا منها ، كما فُعل بالتوراة ، فهو ضمان من الحق لحفظ القرآن ، كما قال : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [ الحِجر : 9 ] أو : لا نبي ولا كتاب بعدها ينسخها ويبدل أحكامها ، { وهو السميع } لكل ما يقال ، { العليم } بكل ما يضمر ، فمن ألحد أو بدل فالله عليم به . الإشارة : من قواعد أهل التصوف : الرجوع إلى الله في كل شيء ، والاعتماد عليه في كل نازل ، والتحاكم إلى الله في كل أمر ، إن توقفوا في حكم رجعوا إلى كتاب الله ، فإن لم يجدوه نصًا ، رجعوا إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن لم يجدوه ، استفتوا قلوبهم ، وفي الحديث عنه : " استَفت قلبَكَ وإن أفتَاكَ المُفتُونَ وأفتوك " وفي بعض الآثار قالوا : يا رسول الله أرأيت إن اختلفنا بعدك ، ولم نجد نصًا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله ؟ قال : " ردوه إلى صلحائكم ، واجعلوه شُورَى بينهم ولا تَتَعَدّوا رأيهم " أو كما قال عليه الصلاة والسلام ـ . ثم نهى عن الكرون إلى الجهال ، فقال : { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ } .