Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 95-96)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { ومُخرج } : معطوف على { فالق } ، على المختار لأنَّ { يُخرج الحي } واقع موقع البيان له ، و { سكنًا } : مفعول بفعل محذوف ، أي : جعله سكنًا ، إلا أن يريد بجاعل : الاستمرار ، فحينئذٍ ينصب المفعول . يقول الحقّ جلّ جلاله : { إن الله فالق الحب والنوى } أي : يفلق الحب تحت الأرض لخروج النبات منها ، ويفلق النوى لخروج الشجر منها ، { يُخرج الحي } أي : كل ما ينمو من الحيوان والنبات ليطابق ما قبله ، { من الميت } مما لا ينمو كالنطف والحب . { ومُخرِج الميت من الحي } أي : ومخرج الحب والنُّطَف من الحي ، { ذلكم الله } أي : ذلكم المخرج والمحيي المُميت هو الله المستحق للعبادة دون غيره ، { فأَنَّى تُؤفكون } تُصرفون عنه إلى غيره . { فالق الإصباح } أي : شاقّ عَمُود النهار عن ظُلمة الليل ، { وجاعل الليل سكنًا } أي : يُسكن فيه من تَعَب النهار للاستراحة ، { و } جعل { الشمس والقمر حُسبانًا } أي : على أدوار مختلفة ، يُعلم بها حساب الأزمنة والليل والنهار ، أو حُسبانًا كحسبان الرَّحا يدور بهما الفلك دورة بين الليل والنهار ، { ذلك } التسيير بالحساب المعلوم ، هو { تقدير العزيز العليم } الذي قهرهما بعزته ، وسيرهما على ذلك السير البديع بعلمه وحكمته . الإشارة : إذا أحب الله عبدًا فلق حبة قلبه بعشقه ومحبته ، وفلق نواة عقله بالتبصر في عجائب قدرته ، فلا يزال قلبُه يميل إلى حضرته ، وعقلُه يتشعشع أنواره بازدياد تفكره في عجائب عظمته ، حتى تُشرق عليها شمس العرفان ، فيفلق عمود فجرها عن ظلمة ليل وجود الإنسان ، فيصير حيًّا بمعرفته ، بعد أن كان ميتًا بجهله وغفلته ، فيميته عن شهود نفسه ، ثم يُحييه بشهود ذاته ، يُخرج الحيّ من الميت ومخرج الميت من الحي ، جاعل ليل العبودية سكنًا ، وشمس العرفان وقمر الإيمان حسبانًا ، تدور الفكرة بأنوارهما ، كما يدور الفلك بالشمس والقمر الحِسيِّين ذلك تقدير العزيز العليم . ثم ذكر برهاناً آخر ، فقال : { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا } .