Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 113-119)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : من قرأ : أئن بهمزتين ، فهو اسم استفهام ، ومن قرأ بهمزة واحدة ، فيحتمل أن يكون خبرًا ، كأنهم قالوا : لا بد لنا من أجر ، أو استفهامًا حُذفت منه الهمزة ، والتنكير للتعظيم ، واستأنف الجملة ، كأنها جواب عن سائل قال : فماذا قالوا إذ جاؤوا ؟ قالوا : إن لنا لأجرًا … الخ ، وإنكم : عطف على ما سدّ مسده نعم ، من تمام الجواب ، كأنه قال : نعم نعطيكم الأجر ونقربكم . يقول الحقّ جلّ جلاله : { وجاء السحرةُ فرعونَ } بعد ما أرسل الشرطة في طلبهم ، { قالوا } لما وصلوا إليه : { إن } أئن { لنا لأجرًا إن كنا نحن الغالبين } لموسى ؟ { قال نعم } إن لكم أجرًا { وإنكم لَمِنَ المقربين } إليّ . فأنعم لهم بالأجر ، وزادهم التقريب منه والجاه عنده تحريضًا لهم . واختُلف في عدد السحرة اختلافًا متباينًا ، من سبعين رجلاً إلى سبعين ألفًا ، وكل ذلك لا أصل له في صحة النقل . ولمَّا خرجوا إلى الصحراء لمقابلته { قالوا يا موسى إما أن تُلقي وإما أن نكونَ نحن الملقين } خيّروا موسى مراعاة للأدب ، وإظهارًا للجلادة ، ولكن كانت رغبتهم في أن يلقوا قبله ، ولذلك عبَّروا عن إلقاء موسى بالفعل وعن إلقائهم بالجملة الاسمية ، وفيه إشارة إلى أنهم أهل الإلقاء المتمكنون فيه . ولذلك أسعفهم ، { قال ألقوا } أسعفهم كرمًا ومسامحة وازدراءً بهم ، { فلما ألقوا سحروا أعين الناس } ، بأن خيلوا إليها خلاف ما في حقيقة الأمر ، { واسترهبوهم } أي : خوفوهم بما أظهروا لهم من أعمال السحر ، { وجاؤوا بسحر عظيم } في فَنّه . رُوِي أنهم ألقوا حبالاً غلاظًا ، وخشبًا طوالاً ، كأنها حيات ، ملأت الوادي ، وركب بعضها بعضًا . { وأوحينا إلى موسى أن ألقِ عصاكَ } ، فألقاها ، فصارت ثعبانًا عظيمًا ، على قدر الجبل ، وقيل : إنه طال حتى جاوز النيل ، { فإذا هي تَلقَفُ } أي : تبتلع { ما يأفِكُون } ما يُزَوِّرُونَهُ من إفكهم وكذبهم ، رُوِي أنها لما ابتلعت حبالهم وعصيهم ، وكانت ملأت الوادي ، فابتلعتها بأسرها ، أقبلت على الحاضرين ، فهربوا وازدحموا حتى هلك منهم جمع عظيم ، ثم أخذها موسى فصارت عصًا كما كانت ، فقال السحرة : لو كان هذا سحرًا لبقيت حبالنا وعصينا . { فوقعَ الحقُّ } أي : ثبت بظهور أمره ، { وبَطَلَ ما كانوا يعملون فَغُلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين } أي : صاروا أذلاء مبهوتين ، أو انقلبوا إلى المدينة مَقهورين . ولما رأى السحرة ذلك علموا أنه ليس من طوق البشر ، وليس هو من السحر ، فتحققوا أنه من عند الله ، فآمنوا ، كما أشار إليه بقوله : { وَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَاجِدِينَ } .