Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 120-126)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحقّ جلّ جلاله : { وأُلقى السحرةُ } على وجوهم { ساجدين } لما عرفوا الحق وتحققوا به ، فآمنوا لأن الحق بهرهم ، واضطرهم إلى السجود بحيث لم يتمالكوا ، أو ألهمهم الله ذلك وحملهم عليه ، حتى ينكسر فرعون بالذين أراد بهم كسف موسى ، وينقلب الأمر عليه . { قالوا آمنا بربِّ العالمين ربِّ موسى وهارون } أبدلوا الثاني من الأول لئلا يتوهم أنهم أرادوا به فرعون . { قال فرعونُ آمنتم به } أي : بالله أو بموسى ، { قبل أن آذن لكم إنَّ هذا لمكرٌ مكرتموه } أي : إن هذه لَحيلة صنعتموها أنتم وموسى { في المدينة } في مصر ، ودبرتموها قبل أن تخرجوا للميعاد { لتُخرِجُوا منها أهلها } أي : القبط ، وتخلص لكم ولبني إسرائيل ، { فسوف تعلمون } عاقبة ما صنعتم . ثم فصّل ما هددهم به ، فقال : { لأقطعّن أيديكم وأرجلكم من خلاف } من كل شق عضو ، كَيَدٍ ورِجل من كل واحد { ثم لأُصلبنَكم أجمعين } تفضيحًا لكم وتنكيلاً لأمثالكم ، وليس في القرآن أنه أنفذ ذلك ، ولكن رُوِي عن ابن عباس وغيره أنه فعله . قيل : إنه أول من سنَّ ذلك أي : القطع من خلاف فشرعه الله للقطاع تعظيمًا لجرمهم ، فلذلك سماه الله محاربة لله ورسوله . { قالوا } أي : السحرة لما خوفهم : { إنا إلى ربَّنا منقلبون } بالموت ، فيكرم مثوانا ، فلا نُبالي بوعيدك ، كأنهم اشتاقوا إلى اللقاء ، فهان عليهم وعيده ، أو إنا وأنت إلى ربنا منقلبون ، فيحكم بيننا وبينك ، { وما تَنقِمُ منا } أي : وما تعيب علينا { إلا أن آمنا بآيات ربَّنا لما جاءَتنا } ، وهو لا يعاب عند العقلاء ، لأنه خير الأعمال ، وأصل المناقب ومحاسن الخلال ، ثم فزعوا إلى الله فقالوا : { ربنا أفرِغ علينا صبرًا } أي : اصبب علينا صبرًا يغمرنا ، كما يُفرغ الماء على الشيء فيغمره ، { وتوفنا مسلمين } ثابتين على الإسلام . قال البيضاوي : قيل إنه فعل بهم ذلك ، وقيل : إنه لم يقدر عليه ، لقوله : { أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ } [ القَصَص : 35 ] . هـ . وقد تقدم قول ابن عباس وغيره . والله تعالى أعلم . الإشارة : انظر من سبقت له العناية ، هؤلاء السحرة جاؤوا يُحادون الله فأمسوا أولياء الله ، فكم من خصوص تخرج من اللصوص ، وانظر أيضًا صبرهم وثباتهم على دينهم ، وعدم مبالاتهم بعدوهم ، هكذا ينبغي أن يكون مَن مراده مولاه ، لا يلتفت إلى شيء سواه ، وعند هذه التصرفات يفتضح المُدّعُون ويثبت الصادقون ، عند الامتحان يعز المرء أو يُهان . ثم قال تعالى في تتمة قصة موسى عليه السلام : { وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ } .