Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 127-129)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحقّ جلّ جلاله : { وقال الملأُ من قوم فرعون أَتذَرُ موسى وقومَه } أي : تتركهم يخالفون دينك { ليُفسدوا في الأرض } أي : يخربوا ملكك بتغيير دينك ودعوتهم إلى مخالفتك ، { ويَذَرك وآلهتك } أي : يترك موسى دينك ومعبوداتك التي تعبد ، قيل : كان يعبد الكواكب ، وقيل : صنع لقومه أصنامًا وأمرهم أن يعبدوها تقربًا إليه . ولذلك قال : { أَنَاْ رَبُّكُمُ الأَعْلَى } [ النَّازعَات : 24 ] . قال فرعون في جوابهم : { سَنُقتِّل أبناءَهم } أي : ذكورهم { ونستحي نساءهم } أي : بناتهم ، كما كنا نفعل من قبل ، ليُعلم أَنَّا على ما كنا عليه من القهر والغلبة ، ولا يتوهم أنه المولود الذي حكم المنجمون والكهنة بذهاب ملكنا على يديه . { وإنا فوقهم قاهرون } غالبون ، وهم مقهورون تحت أيدينا . { قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا } ، قاله تسكينًا لهم حين سمعوا قول فرعون وما هددهم به ، ثم قال لهم : { إن الأرض لله يُورثها من يشاء من عباده } وسيورثها لكم إن صبرتم وآمنتم . { والعاقبة للمتقين } ، فتكون العاقبة لكم إن اتقيتم ، وهو وعدٌ لهم بالنصر والعز ، وتذكير بما وعدم من إهلاك القبط وتوريثهم ديارهم وملكهم . { قالوا } أي : بنوا إسرائيل : { أُوذينا من قبل أن تأتينا } بقتل الأبناء ، { ومن بعد ما جئتنا } بإعادته ، فلم يرتفع عنا الذل بمجيئك ، { قال عسى ربُّكم أن يُهلك عدوكم ويستخلِفَكم في الأرض } ، تصريحًا بما كِنّى عنه أولاً ، لما رأى أنهم لم يتسلوا بذلك ، ولعله أتى بحرف الطمع ، أي : الترجي لعدم جزمه بأنهم المستخلَفون بأعيانهم ، أو أولادهم ، وقد رُوِي أن مصر إنما فتح لهم في زمن داود عليه السلام ، قاله البيضاوي . { فينظرَ كيف تعملون } أي : فإذا استخلفكم يرى ما تعملون من شكر أو كفران ، أو طاعة أو عصيان ، فيجازيكم على حسب ما يُوجد منكم من كفر أو إحسان . الإشارة : ما وقع للأنبياء مع قومهم وقع مثله لأشياخ هذه الأمة وفقرائها مع أهل زمانهم ، ولما كثرت الأحوال من الفقر أو خرق العوائد ، وظهروا بتخريب ظواهرهم ، وقعت بهم الشكاية إلى السلطان ، وقالوا له : هؤلاء يخربون ملكك ، فآل على نفسه إنَّ مكنه الله منهم لا يترك منهم أحدًا ، فكفى الله بأسه ، فاستعانوا بالله وصبروا ، واشتغلوا بذكر الله ، وغابوا عمن سواه ، فكانت العاقبة للمتقين . ثم ذكر ابتلاءه لقوم فرعون ، فقال : { وَلَقَدْ أَخَذْنَآ آلَ فِرْعَونَ بِٱلسِّنِينَ } .