Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 188-188)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { وما مسني السوء } : عطف على " استكثرتُ " ، أي : لو علمتُ الغيب لاستكثرتُ الخير واحترست من السوء ، أو استئناف ، فيوقف على ما قبله ، ويراد حينئذٍ بالسوء : الجنون ، والأول أحسن لاتصاله بما قبله ، و { لقوم } : يجوز أن يتعلق ببشير ونذير ، أي : أُبشر المؤمنين وأُنذرهم ، وخصهم بالبشارة والنذارة لانتفاعهم بهما ، ويجوز أن يتعلق بالبشارة وحدها ، فيُوقف على { نذير } ، ويكون المتعلق بنذير محذوف ، أي : نذير للكافرين ، والأول أحسن . قاله ابن جزي . يقول الحقّ جلّ جلاله : { قل } لهم يا محمد : أنا { لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضَرًا } أي : لا أجلب لها نفعًا ولا أدفع عنها ضررًا ، { إلا ما شاء الله } من ذلك ، فيعلمَني به ، ويوقفني عليه ، وهو إظهار للعبودية والتبري من ادعاء العلم بالغيوب ، { ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء } أي : لو كنت أعلم ما يستقبلني من الأمور المغيبة كشدائد الزمان وأهواله ، لاستعددت له قبل نزوله باستكثار الخير والاحتراس من الشر ، حتى لا يمسني سوء ، { إن أنا إَلا نذير وبشير } أي : ما أنا إلا عبد مرسل بالإنذار والبشارة { لقوم يؤمنون } فإنهم المنتفعون بهما ، أو نذير لمن خالفني بالعذاب الأليم ، وبشير لمن تبعني بالنعيم المقيم . الإشارة : العبودية محل الجهل وسائر النقائص ، والربوبية محل العلم وسائر الكمالات ، فمن آداب العبد أن يعرف قدره ، ولا يتعدى طوره ، فإن ورد عليه شيء من الكمالات فهو وارد من الله عليه ، وإن ورد عليه شيء من النقائص فهو أصله ومحله ، فلا يستوحش منه ، وكان شيخنا يقول : إن علمنَا فمن ربنا ، وإن جهلنا فمن أصلنا وفصلنا . أو كلام هذا معناه ، فالاستشراف إلى الاطلاع على علم الغيوب من أكبر الفضول ، وموجب للمقت من علام الغيوب . والله تعالى أعلم . ثم ذكر أصل النشأة ، ليدل على نقص العبد وجهله ، فقال : { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } .