Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 4-7)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { كم } : خبرية ، مفعول { أهلكنا } ، وهو على حذف الإرادة ، أي : في الحال أردنا إهلاكها ، و { بياتًا أو هم قائلون } : حالان ، أي : بائتين أو قائلين ، وأغنى الضمير في { هم } عن واو الحال . يقول الحقّ جلّ جلاله : كثيرًا من القرى { أهلكناها } لما عصت أمرنا ، وخالفت ما جاءت به رسلنا ، { فجاءها بأسُنَا } أي : عذابنا { بياتًا } أي : ليلاً ، كقوم لوط قلبت مدينتهم ، عاليها سافلها ، وأرسلت عليهم الحجارة بالسَّحَر ، { أو هم قائلون } نصف النهار ، كقوم شعيب ، نزلت عليهم نار فأحرقتهم ، وهو عذاب يوم الظلمة ، وإنما خص الوقتين لأنهما وقت دعة واستراحة ، فيكون مجيء العذاب فيهما أفظع . { فما كان دعواهم } أي : دعاؤهم واستغاثتهم حين جاءهم بأسنا ، { إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين } أي : إلا اعترافهم بظلمهم فيما كانوا عليه وبطلانه ، تحسرًا ، أو : ما كان دعاؤهم إلا قولهم : { يَا وَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىَ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ } [ الأنبياء : 14ـ15 ] : ميتين ، فإذا أحييناهم وبعثناهم من قبورهم ، فوالله { لنسألن الذين أُرسل إليهم } عن قبول الرسالة وإجابة الرسل ، { ولنسألن المرسلين } عما أُجيبوا به ، والمراد بهذا السؤال : توبيخ الكفرة وتقريعهم ، وأما قوله تعالى : { وَلاَ يُسأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ } [ القَصَص : 78 ] ، فالمنفي : سؤال استعلام لأن الله أحاط بهم علمًا ، أو الأول في موقف الحساب ، وهذا عند حصول العقاب . { فلَنقصَّنَّ عليهم } أي : على الرسل والأمم ، فنقص على الرسل ما قُوبلوا به من تصديق أو تكذيب ، وعلى الأمم ما قابلوا به الرسل من تعظيم أو إنكار ، أو فلنقص على الرسل ما علمنا من قومهم حين يقولون : { لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ } [ المَائدة : 109 ] . نقص ذلك عليهم { بعلْمٍ } وتحقيق لاطلاعنا على أحوالهم ، وإحاطة علمنا بسرهم وعلانيتهم . { وما كنا غائبين } عنهم ، فيخفى علينا شيء من أحوالهم ، بل كنا حاضرين لديهم ، محيطين بسرهم وعلانيتهم . الإشارة : ما أهلك الله قومًا وعذبهم إلا بتضييع الشرائع أو إنكار الحقائق ، فمن قام بهما معًا كان مصحوبًا بالسلامة ، موصوفًا بالكرامة في الدارين ، ومن ضيعهما أو أحدهما لحقه الوبال في الدارين ، فإذا لحقه إهلاك لم يسعه إلا الإقرار بالظلم والتقصير ، حيث فاته الحزم والتشمير ، فإذا ندم لم ينفعه الندم ، حيث زلت به القدم ، فالبدارَ البدارَ إلى التوبة والانكسار ، والتمسك بشريعة النبي المختار ، والتحقق بمعرفة الواحد القهار ، وصحبة الصالحين الإبرار ، والعارفين الكبار ، قبل أن تصير إلى قبرك فتجده إما روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار . وكما أن الحق تعالى يسأل الرسل عما أُجيبوا به ، يسأل خلفاءهم وهم الأولياء والعارفون عما إذا قُوبلوا من تعظيم أو إنكار ، فيرفع من عظمهم في أعلى عليين ، ويحط من أنكرهم في محل أهل اليمين . وبالله التوفيق . ثم ذكر مقادير الأعمال ووزنها ، فقال : { وَٱلْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ } .