Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 76, Ayat: 4-18)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : { إِنَّا أعتدْنا } أعددنا { للكافرين سلاسلاً } يُقادون بها إلى النار { وأغلالاً } يُقيَّدون بها { وسعيراً } يُحرقون بها . و " سلاسل " لا ينصرف لصيغة منتهى الجموع ، ومَن صرفه فليناسب أغلالاً ، إذ يجوز صرف غير المنصرف للتناسب . وتقديم وعيد الكفرة مع تأخرهم في الجمع على طريق اللف والنشر المعكوس ، كقوله : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ … } [ آل عمران : 106 ] الآية ليتخلّص إلى الكلام على الفريق الأول بطريق الإطناب ، فقال : { إِنَّ الأبرارَ } جمع بر وبار ، كرب وأرباب ، وشاهد وأشهاد ، وهو مَن يبر خالقه ، أي : يُطيعه وقيل : الأبرار هم الصادقون في الإيمان ، أو : الذين لا يؤذون الذر ، ولا يعمدون الشر . { يشربون من كأس } وهو الزجاجة إذا كان فيها خمر ، ويُطلق على نفس الخمر ، فـ " مِن " على الأول ابتدائية ، وعلى الثاني تبعيضية ، { كان مِزاجُها } أي : ما تمزج به { كافوراً } أي : ماءٌ كافورٌ ، وهو عين في الجنة ، ماؤها في بياض الكافور ورائحتِه وبردِه . وفي القاموس : الكافور : نبت طيب ، نَوره كنَور الأُقحوان ، وطِيب معروف ، يكون من شجر بجبال بحر الهند والصين ، يُظل خلقاً كثيراً ، وتألفه النمور ، وخشبه أبيض هش ، ويوجد في أجوافه الكافور ، وهو أنواع ، ولونها أحمر ، وإنما يبيّض بالتصعيد ، والتصعيد : الإذابة . هـ . وقوله تعالى : { عيناً } : بدل من " كافور " ، وعن قتادة : تمزج لهم بالكافور ، وتختم لهم بالمسك ، وقيل : يخلق فيها رائحة الكافور وبياضه ويرده ، فكأنها مزجت بالكافور ، وهذا أنسب بأحوال الجنة ، فـ " عيناً " على هذين القولين : بدل من محل من كأس على حذف مضاف ، أي : يشربون خمر عين ، أو : نصب على الاختصاص ، وقوله تعالى : { يشرب بها عبادُ الله } : صفة لعين ، أي : يشربون منها ، أو : الباء زائدة ، ويعضده قراءة ابن أبي عبلة : " يشربها " ، أو : هو محمول على المعنى ، أي : يتلذذون بها ، أو يروون بها ، وإنما عبّر أولاً بحرف " من " وثانياً بحرف الباء لأنَّ الكأس مبتداً شرابهم وأول غايته ، وأمّا العين فيها يمزجون شرابهم . قاله النسفي . وقيل : الضمير للكأس ، أي : يشربون العين بتلك الكأس ، { يُفجِّرُونها تفجيراً } أي : يُجْرُونَها حيث شاؤوا من منازلهم إجراءاً سهلاً ، لا يمتنع عليهم ، بل يجري جرياً بقوة واندفاع . { يُوفُون بالنَّدْرٍ } بما أَوجبوا على أنفسهم من الطاعات ، وهو استئناف مسوق لبيان ما لأجله رُزقوا ما ذكر من النعيم ، كأنه قيل : ماذا كانوا يفعلون حتى نالوا تلك الرتبة العالية ؟ فقال : يُوفون بما أوجبوا على أنفسهم ، فكيف بما أوجبه اللهُ عليهم ؟ { ويخافون يوماً كان شَرُّه } شدائده أو عذابه { مُسْتَطِيراً } منتشراً فاشياً في أقطار الأرض غاية الانتشار ، من : استطار الفجر : انتشر . { ويُطعِمون الطعامَ على حُبه } أي : كائنين على حب الطعام والحاجة إليه ، كقوله تعالى : { لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } [ آل عمران : 92 ] أو : على حب الإطعام ، بأن يكون ذلك بطيب النفس ، أو : على حب الله ، وهو الأنسب بقوله : { لوجه الله } ، { مسكيناً } فقيراً عاجزاً عن الاكتساب أسكنه الفقرُ في بيته ، { ويتيماً } صغيراً لا أب له ، { وأسيراً } أي : مأسوراً كافراً . كان عليه السلام يؤتى بالأسير ، فيدفعه إلى بعض المسلمين ، فيقول له : " أحسِن إليه " أو : أسيراً مؤمناً ، فيدخل فيه المملوك والمسجون ، وقد سمى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الغريم أسيراً فقال : " غريمك أسيرك فأحسن إلى أسيرك " . ثم علّلوا إطعامهم فقالوا : { إِنما نُطعمكم لوجه الله } أي : لطلب ثوابه ، أو : هو بيان من الله تعالى عما في ضمائرهم من الإخلاص ، لأنَّ الله تعالى عَلِمه منهم فأثنى عليهم وإن لم يقولوا شيئاً ، وفيه نظر إذ لو كان كذلك لقال : " يطعمهم " بضمير الغيب ، فالجملة على الأول محكية بقول محذوف ، حال من فاعل " يُطعمون " أي : قائلين بلسان الحال أو المقال لإزاحة توهم المنّ المبطل للصدقة ، وتوقع المكافآت المنقصة للأجر : { إنما نُطعمكم … } الخ . وعن الصدّيقة رضي الله عنها كانت تبعث بالصدقة ، ثم تسأل الرسولَ ما قالوا ، فإذا ذكر دعاءهم دعت لهم بمثله ، ليبقى لها ثواب الصدقة خالصاً . { لا نُريد منكم جزاءً ولا شُكوراً } أي : لا نطلب على طعامنا مكافأة هدية ولاثناءً ، وهو مصدر : شكر شكراً وشُكوراً . { إِنَّا نخافُ من ربنا } أي : إنا لا نُريد منكم المكافأة لخوف عذاب الله على طلب المكافأة في الصدقة ، أو : إنا نخاف من ربنا فنتصدّق لوجهه حتى نأمن من ذلك الخوف ، { يوماً عَبُوساً قمْطريراً } ، وصف اليوم بصفة أهله ، نحو : نهاره صائم . والقمطرير : الشديد العبوس ، الذي يجمع ما بين عينيه ، أي : نخاف عذاب يوم تعبس فيه الوجوه أشد العبوسة . { فوقاهم اللهُ شَرَّ ذلك اليوم } صانهم من شدائده ، لسبب خوفهم وتحفُّظهم منه ، { ولَّقاهم } أي : أعطاهم بدل عبوس الفجار { نضرةً } حُسناً في الوجوه { وسُروراً } في القلب ، { وجزاهم بما صبروا } بصبرهم على مشاق الطاعات ، ومهاجرة المحرمات ، وإيثار الغير بالعطاء في الأزمات ، { جنةً } بستاناً يأكلون منه ما يشاؤون { وحَرِيراً } يلبسونه ويتزينون به . وعن ابن عباس رضي الله عنه : أنّ الحسن والحسين رضي الله عنهما مَرِضا فعادهما النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أّناس معه ، فقالوا لعليّ رضي الله عنه : لو نذرت على ولدك ، فنذر عليّ وفاطمةُ وجاريتهما يقال لها : فِضة إن برئا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام ، فشُفيا ، فاستقرض عليّ من يهودي ثلاث أصُوع من الشعير فطحنت رضي الله عنها صاعاً ، واختبزت خمسة أقراص على عددهم ، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا ، فوقف عليهم سائل ، فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد ، مسكين من مساكين المسلمين ، أطعموني ، أطعمكم اللهُ من موائد الجنة ، فآثروه ، وباتوا لم يذوقوا إلا الماء ، وأصبحوا صياماً ، فلما أمسوا وضعوا الطعام بين أيديهم ، فوقف عليهم يتيم ، فأثروه ، ثم وقف عليهم في الثالثة أسير ، ففعلوا مثل ذلك ، فلما أصبحوا أخذ بيد الحسن والحسين ، وأقبلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أبصرهم وهم يرتعشون ، كالفراخ من شدة الجوع ، قال عليه السلام : " ما أشد ما يسوؤني مما أرى بكم " ، وقام فانطلق معهم ، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها ، وغارت عيناها ، فساءه ذلك ، فنزل جبريل عليه السلام وقال : يا محمد هنّاك الله في بيتك ، فأقرأه السورة . هكذا ذكر القصة الزمخشري وجمهور المفسرين ، وأنكر ذلك الترمذي الحكيم في نوادره ، وجزم بعدم صحتها لمخالفتها لأصول الشريعة ، وعدم جريه على ما تقتضيه من إنفاق العفو ، وكذا " ابْدَأ بمَن تَعُولُ " و " كفى بالمرء إثماً أن يَضيّع مَن يقوت " ، وغير ذلك . هـ . قلت : ويُجاب بأنَّ هذا من باب الأحوال ، وللصحابة في الإيثار أحوال خاصة بهم لشدة يقينهم رضي الله عنهم ، وقد خرج الصدّيق رضي الله عنه عن ماله مِراراً ، وقال : تركت لأهلي الله ورسوله ، وكذلك فعل الصحابي الذي قال لامرأته : نوِّمِي صبيانك ليتعشّى ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نزل فيه ، { وَيُؤْثِرُون عَلَى أَنفُسِهِمْ … } [ الحشر : 9 ] الآية ، وصاحب الأحوال معذور ، غير أنه لا يُقتدى به في مثل تلك الحال ، فإنكار الترمذي بما ذَكَر غير صحيح . { متكئين فيها } في الجنة ، حال من " جزاهم " ، والعامل جزاء ، { على الأرائك } على الأسِرة في الحجال ، { لا يَرَون فيها شمساً ولا زمهريراً } لأنه لا شمس فيها ولا زمهرير أي : بردٌ فظِلها دائم وهواها معتدل ، لا حرَّ شمس يحمي ، ولا شدّة بردٍ يؤذي ، فالزمهرير : البرد الشديد ، وقيل : القمر ، في لغة طيء ، أي : الجنة مضيئة لا يُحتاج فيها إلى شمس ولا قمر . وجملة النفي إمّا حال ثانية ، أو : من المستكن في متكئين . { ودانيةً } : عطف على جنة ، أي : وجنة أخرى دانية { عليهم ظِلالها } قريبة منهم ظلال أشجارها قال الطيبي : إنما قال : دانية عليهم ولم يقل " منهم " لأنَّ الظلال عالية عليهم . هـ . فظلالها فاعل بدانية ، كأنهم وُعدوا جنتين لأنهم وُصفوا بالخوف ، وقد قال تعالى : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِهِ جَنَّتَانِ } [ الرحمن : 46 ] ، { وذًللت قُطوفُها تذليلا } أي : سُخَّرت ثمارها للقائم والقاعد ، والمتكىء ، وهو حال من " دانية " أي : تدنو عليهم ظلالها في حال تذليل قطوفها . وقال في الحاشية : جملة فعلية معطوفة على جملة ابتدائية وفيه لطيفة : أنَّ استدامة الظل مطلوبة هناك ، وأمّا الذليل للقطْف فهو على التجدًّد شيئاً بعد شيء ، كلما أرادوا أن يقطعوا شيئاً منها ذل لهم ، ودنا لهم ، قعداً كانوا أو مضطجعين . هـ . وظاهر كلامه : أنَّ " ظلالها " مبتدأ ، و " عليهم " خبر ، وظاهر كلام الطيبي : أنه فاعل . والقطوف : جمع قِطْف ، وهو ما يجتنى من ثمارها . { ويُطاف عليهم بآنيةٍ من فضةٍ } أي : يدير عليهم خَدَمُهم كؤوس الشراب ، وكأنه تعالى لَمَّا وصف لباسهم ، وهيئة جلوسهم ، وطعامهم ، ذكر شرابهم ، ثم يذكر خدمهم ، وما هيأ لهم من المُلك الكبير ، وآنية : جمع إناء ، وهو : وعاء الماء { وأكواب } أي : مِن فضة ، جمع كوب ، وهو الكوز العظيم الذي لا أُذن له ولاعروة ، { كانت قواريراً } " كان " تامة ، أي : كُونت فكانت قوارير بتكوين الله . وقواريرَ : حال ، أو : ناقصة ، أي : كانت في علم الله قوارير ، { قواريرا من فِضةٍ } : بدل من الأول أي : مخلوقة من فضة قال ابن عطية : يقتضي أنها من زجاج ومن فضة وذلك ممكن لكونه من زجاج في شفوفه ، ومن فضة في جوهره ، وكذلك فضة الجنة شفافة . هـ . فهي جامعة لبياض الفضة وحُسنها ، وصفاء القوارير وشفيفها ، حتى يُرى ما فيها من الشراب من خارجها . قال ابن عباس : قوارير كل أرض من تربتها ، وأرض الجنة فضة . هـ . و " قوارير " ممنوع من الصرف ، ومَن نَوّنه فلتناسب الآي المتقدّمة والمتأخّرة ، { قدَّروها تقديراً } صفة للقوارير ، يعني : أنَّ أهل الجنة قدَّروها في أنفسهم ، وتمنوها ، وأرادوا أن تكون على مقادير وأشكال معينة ، موافقة لشهواتهم ، فجاءت حسبما قدَّروها ، تكرمةً لهم ، أو : السُّقاة جعلوها على قّدْر ريّ شاربها لتكون ألذّ لهم وأخف عليهم . وعن مجاهد : لا تُفيض ولا تَغيض ، أو : قَدَّروها بأعمالهم الصالحة ، فجاءت على حسبها . { ويُسقون فيها كأساً } خمراً { كان مِزَاجُهَا زَنجبِيلاً } أي : ما يشبه الزنجبيل في الطعم والرائحة . وفي القاموس : الزنجبيل : الخمر ، وعُروق تسري في الأرض ، ونباته كالقصب والبرد ، له قوة سخنة هاضمة ملينة … الخ . قلت : وهو السكنجيبر بالراء ولعل العرب كانت تمزج شرابها به للرائحة والتداوي . وقوله تعالى : { عيناً } : بدل من " زنجبيلا " ، { فيها } أي : في الجنة { تُسمى سلسبيلا } ، سُميت العين زنجبيلاً لأنَّ ماءها فيه رائحة الزنجبيل ، والعرب تستلذه وتستطيبه ، وسميت سلسبيلاً لسلاسة انحدارها ، وسهولة مساغها ، قال أبو عُبيدة : ماء سلسبيل ، أي : عذب طيب . هـ . ويقال : شراب سلسبيل وسَلسَال وسلَسيل ، ولذلك حُكم بزيادة الباء ، والمراد : بيان أنها في طعم الزنجبيل ، وليس فيها مرارة ولا زعقة ، بل فيها سهولة وسلاسة . والله تعالى أعلم . الإشارة : إِنَّا أعتدنا للكافرين بطريق الخصوص ، وهم أهل الحجاب سلاسل الأشغال والعلائق ، وأغلال الحظوظ والعوائق ، فلا يرحلون إلى الله وهم مكبّلون بشهواتهم ، مغلولون بعوائقهم . وأعتدنا لهم سعير القطيعة والطرد . إنَّ الأبرارَ ، وهم المطهرون من درن العيوب ، المتجرَّدون من علائق القلوب ، يشربون من كأس خمر المحبة كان مزاجها كافورَ بردِ اليقين ، عيناً يشرب منها عبادُ الله المخلصون ، يُفجِّرونها على قلوبهم وأرواحهم وأسرارهم تفجيراً ، فتمتلىء محبةً ويقيناً ، يُوفون بما عقدوا على أنفسهم من المجاهدة والمكابدة إلى وضوح أنوار المشاهدة ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً ، إذ فيه يفتضح المدّعون ، ويظهر المخلصون ويُطعمون طعام الأرواح والأسرار من العلوم والمعارف ، على حُبه إذ لا شيء أعز منه عندهم ، إذ هو الإكسير الأكبر والغنى الأوفر ، مسكيناً ، أي : ضعيفاً من اليقين ويتيماً لا شيخ له ، وأسيراً في أيدي العلائق والحظوظ وإنما نفعل ذلك لوجه الله ، لا يريدون بذلك جزاء ، أي : عِوضاً دنيوياً ولا أخروياً ، ولا شكوراً مدحاً أو ثناءً إذ قد استوى عندهم المدح والذم ، والمنع والعطاء ، قائلين : إنا نخاف من ربنا ، إن طلبنا عوضاً ، أو قَصَّرنا في الدعاء إلى الله ، يوماً شديداً تُعبّس فيه وجوه الجاهلين ، وتُشرق وتتهلّل وجوه العارفين . فوقاهم اللهُ شرَّ ذلك اليوم ، فصبروا قليلاً ، واستراحوا كثيراً ، ولقَّاهم نضرةً بهجة في أجسادهم ، وسُروراً دائماً في قلوبهم وأسرارهم . وجزاهم بما صبروا في أيام سيرهم جنة المعارف والزخارف ، متكئين فيها على الأرائك على أَسِرة القبول ، وفُرُش الرضا وبلوغ المأمول ، لا يَرون فيها حَرّ التدبير والاختيار ولا زمهرير الضعف والانكسار لأنَّ العارف باطنه قوي على الدوام ، لأنَّ مَن عنده الكنز قلبه سخين به دائماً . وقال القشيري : لا يؤذيهم شمس المشاهدة لأنَّ سطوة الشهود ربما تفني صاحبها بالكلية ، فيغلب عليه السُكْر ، فلا يتنعّم بلذة الشهود ، ولا زمهرير الحجاب والاستتار . هـ . باختصار . ودانية ، أي : وجنة أخرى دانية ، وهي جنة البقاء والأُولى جنة الفناء ، عليهم ظلالها ، وهي روح الرضا ونسيم التسليم ، وذُللت قُطوفها من الحِكَم والمواهب ، تذليلاً ، فمهما احتاجوا إلى علم أو حكمة أجالوا أفكارهم ، فتأتيهم بطرائف العلوم وغرائب الحِكَم ، ويُطاف عليهم بأواني الخمرة الأزلية ، فيشربون منها في كل وقت وحين ، كيف شاؤوا وحيث شاؤوا . جعلنا الله مِن حزبهم ، آمين . ثم ذكر بقية نعيم أهل الجنة ، فقال : { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } .