Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 26-26)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جل جلاله : { واذكروا إذ أنتم قليل } أي اذكروا هذه النعمة ، حيث كنتم بمكة وأنتم قليل عَددكم مع كثرة عدوكم ، { مستضعفون في الأرض } أي : أرض مكة ، يستضعفكم قريش ويعذبونكم ويضيقون عليكم ، { تخافون أن يتخطفكم الناسُ } أي : قريش ، أو من عداهم ، { فآواكم } إلى المدينة ، وجعلها لكم مأوىً تتحصنون بها من أعدائكم ، { وأَيَّدكم } أي : قواكم { بنصره } على الكفار ، أو بمظاهرة الأنصار ، أو بإمداد الملائكة يوم بدر ، { ورزَقكم من الطيبات } من الغنائم ، { لعلكم تشكرون } هذه النعم . والخطاب للمهاجرين ، وقيل : للعرب كافة فإنهم كانوا أذلاء في أيدي فارس والروم ، يخافون أن يتخطفهم الناس من كثرة الفتن ، فكان القوي يأكل الضعيف منهم ، فآواهم الله إلى الإسلام ، فحصل بينهم الأمن والأمان ، وأيدهم بنصره ، حيث نصرهم على جميع الأديان ، وأعزهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ورزقهم من الطيبات ، حيث فتح عليهم البلاد ، وملكوا ملك فارس والروم ، فملكوا ديارهم وأموالهم ، ونكحوا نساءهم وبناتِهم ، لعلهم يشكرون . الإشارة : التذكير بهذه النعمة يتوجه إلى خصوص هذه الأمة ، وهم الفقراء المتوجهون إلى الله ، فهم قليل في كل زمان ، مستضعفون في كل أوان ، حتى إذا تمكنوا وتهذبوا ، وطهروا من البقايا منَّ عليهم بالنصر والعز والتأييد ، كما وعدهم بقوله : { وَنُرِيدُ أًن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ فىِ الأَرضِ … } [ القصص : 5 ] الآية ، والغالب عليهم شكر هذه النعم ، لَمَا خصهم به من كمال المعرفة . والله تعالى أعلم . ثم نهاهنم عن الخيانة ، فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ } .