Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 49-49)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جل جلاله : واذكروا { إذْ يقول المنافقون } من أهل المدينة ، أو نفر من قريش كانوا أسلموا وبقوا بمكة ، فخرجوا يوم بدر مع الكفار ، منهم : قيس بن الوليد بن المغيرة ، وأبو القيس بن الفاكه بن المغيرة ، والحارث بن ربيعة بن الأسود ، وعلي بن أمية بن خلف ، { و } هم { الذين في قلوبهم مرض } أي : شك لم تطمئن قلوبهم ، بل بقي فيها شبهة ، قالوا : { غرَّ هؤلاء دينُهُم } أي : اغتر المسلمون بدينهم ، فأدخلوا أنفسهم فيما لا طاقة لهم به ، فخرجوا وهم ثلاثمائة وبضعة عشر إلى زهاء ألف . فأجابهم الحق تعالى بقوله : { ومن يتوكل على الله فإن الله عزيزٌ } أي : غالب لا يذل من استجار به ، وإن قلَّ ، { حكيمٌ } يفعل بحكمته البالغة ما يستبعده العقل ، ويعجز عن دركه الفهم . الإشارة : إذا عظم اليقين في قلوب أهل التقى أقدموا على أمور عظام ، تستغرب العادة إدراكها ، أو يغلب العطب فيها ، فيقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض : غرَّ هؤلاء طريقتهم ، ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز لا يُغلبْ ، ولا يُغلبْ من انتسب إليه ، وتوكل في أموره عليه ، حكيم فلا يَخرج عن حكمته وقدرته شيء ، أو عزيز لا يُذل من استجار به ، ولا يضيع من لاذ به ، والتجأ إلى ذماره ، حكيم لا يقصر عن تدبير من توكل على تدبيره ، قاله في الإحياء . ثم قال : وكل ما ذكر في القرآن من التوحيد هو تنبيه على قطع الملاحظة عن الأغيار ، والتوكل على الواحد القهار . هـ . وبالله التوفيق . ثم ذكر عاقبة أهل النفاق والريب ، فقال : { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } .