Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 29-29)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جل جلاله للمؤمنين : { قاتِلوا } أهل الكتاب من اليهود والنصارى { الذين لا يؤمنون بالله } على ما يجب له ، لإشراكهم عُزير وعيسى ، ولتجسيمهم ، { ولا باليوم الآخر } لأنهم ينكرون المعاد الجسماني ، فإيمانهم في الجانبين كلا إيمان { ولا يحرِّمون ما حرَّمَ الله ورسولُه } محمّد صلى الله عليه وسلم لأنهم يحلون الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير ، وغير ذلك مما حرمته الشريعة المحمدية ، { ولا يَدينونَ دينَ الحق } أي : لا يدخلون في الإسلام ، الذي هو الدين الحق ، الناسخ لسائر الأديان ومبطلها . ثم بيَّن الذين أّمر اللَّهُ بقتالهم بقوله : { من الذين أوتوا الكتاب } وهم اليهود والنصارى ، وحين نزلت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لغزوة تبوك لقتال النصارى ، ووصل إلى أوائل بلد العدو ، فصالح أهل أدرج وأيلة ، وغيرهما ، على الجزية وانصرف ، ذلك امتثال للآية . قال تعالى : { حتى يُعطوا الجزبة } أي : ما تقرر عليهم أن يعطوه ، وقدْرها عند مالك : أربعة دنانير على أهل الذهب ، وأربعون درهماً على أهل الورق ، يؤخذ ذلك من كل رأس ، واتفق العلماء على قبول الجزية من اليهود والنصارى ، ويلحق بهم المجوس لقوله صلى الله عليه وسلم : " سُنُّوا بِهِمْ سُنًّةَ أَهْلِ الكتاب " لأن لهم شبهة كتاب ، فألحقوا بهم . واختلفوا في قبولها من عَبدة الأوثان قال مالك : تؤخذ من كل كافر إلا المرتد ، ولا تؤخذ من النساء والصبيان والمجانين . وقوله تعالى : { عن يدٍ } أي : يباشر إعطاءها بيده ، لا يبعثها مع أحد ، أو لا يمطل بها ، كقولك : يداً بيد ، أو عن استسلام وانقياد ، كقولك : ألقى فلان بيده . { وهم صاغرون } أذلاء محقرون . وعن ابن عباس رضي الله عنه : تؤخذ الجزية من الذمي ، وتوجأ عنقه ، أي : تصفع . الإشارة : يؤمر المريد بقتل نفسه وحظوظه وهواه ، وأعظمها : حب الدنيا والرئاسة والجاه ، ولا يزال يخالف هواها ، ويعكس مراداتها ، ويحملها ما يثقل عليها ، حتى تنقاد إليه بالكلية ، بحيث لا يثقل عليه شيء ، ويستوي عندها العز والذل ، والفقر والغنى ، والمدح والذم ، والمنع والعطاء ، والفقد والوجد ، فإن استوت عندها الأحوال فقد أسلمت وأعطت ما يجب عليها ، فيجب حفظها ورعايتها ، وتصديقها فيما يرد عليها . وبالله التوفيق . ثم ذكر الباعث على جهاد أهل الكتاب ، وهو فساد اعتقادهم ، فقال : { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ } .