Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 64-66)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : الضمائر في " عليهم " ، و " تنبئهم " ، و " قلوبكم " ، تعود على المنافقين خلافاً للزمخشري في الأولين ، فقال : يعود على المؤمنين ، وتبعه البيضاوي . يقول الحق جل جلاله : { يحذَرَ المنافقون أن تُنَزّلَ عليهم } أي : في شأنهم ، { سورةٌ } من القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم ، { تُنبئهم } أي : تخبرهم ، أي : المنافقين ، { بما في قلوبهم } من الشك والنفاق ، وتهتك أستارهم ، وكانوا يستهزئون بأمر الوحي والدين ، فقال تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام : { قل } لهم : { استهزئوا } تهديداً لهم ، { إن الله مُخرِجٌ ما تحذَرُون } من إنزال السورة فيكم ، أو ما تحذرون من إظهار مساوئكم . { ولئن سألتهم } عن استهزائهم ، { ليقولن إِنما كنا نخوضُ ونلعبُ } فيما بيننا . رُوي أن ركباً من المنافقين مروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في غزوة تبوك ، فقالوا : انظروا إلى هذا الرجل ، يريد أن يفتح قصور الشام وحصونه ، هيهات هيهات ! فأخبر الله نبيه ، فدعاهم فقال : " قلتم : كذا وكذا ؟ " فقالوا : لا ، والله ، ما كنا في شيء من أمرك ، ولا من أمر أصحابك ، ولكنا كنا في شيء مما يخوض فيه الركب ، ليقصر بعضنا على بعض السفر . قال تعالى : { قل أباللّهِ وآياتِه ورسوله كنتم تستهزئون } ، توبيخاً لهم على استهزائهم بما لا يصلح الاستهزاء به ، { لا تعتذروا } أي : لا تشتغلوا باعتذاراتكم الكاذبة { قد كفرتم بعد إيمانكم } أي : قد أظهرتم الكفر بإيذاء الرسول والطعن عليه ، بعد إظهار إيمانكم الكاذب . { إن نعفُ عن طائفةٍ منكم } بتوبتهم وإخلاصهم ، حيث سبق لهم ذلك كانَ منهم رجل اسمه مَخشِيّ ، تاب ومات شهيداً . أو لكفهم عن الإيذاء ، { نُعَذِّب طائفة بأنهم كانوا } في علم الله { مجرمين } مُصرين على النفاق ، أو مستمرين على الإيذاء والاستهزاء . والله تعالى أعلم . الإشارة : الاستهزاء بالأولياء والطعن عليهم من أسباب المقت والبعد من الله ، والإصرار على ذلك شؤمه سوء الخاتمة ، وترى بعض الطاعنين عليهم يحذر منهم أن يكاشفوا بأسراهم ، وقد يُطلع الله أولياءه على ذلك ، وقد لا يطلعهم ، وبعد أن يطلعهم على ذلك لا يواجهوهُم بكشف أسرارهم لتخلقهم بالرحمة الإلهية . والله تعالى أعلم . ومن مساوئ المنافقين أيضاً : أمرهم ونهيهم عن المعروف كما قال تعالى : { ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ } .