Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 7-11)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : إلا الذين : محله النصب على الاستثناء ، أو جر على البدل من المشركين ، أو رفع على الانقطاع ، أي : لكن الذين عاهدتم فما استقاموا لكم ، و الإل : القرابة والحِلف ، وحذف الفعل في قوله : كيف وإن يظهروا عليكم للعلم به بما تقدم ، أي : كيف يكون لهم عهد والحال أنهم إن يظهروا عليكم … الخ . يقول الحق جل جلاله : في استبعاد العهد من المشركين والوفاء به : { كيف يكونُ للمشركين عهدٌ عند الله وعندَ رسوله } ؟ مع شدة حقدهم وعداوتهم للرسول وللمسلمين ، مع ما تقدم لهم من النقض والخيانة فيه ، { إلا الذين عاهدتُّم عند المسجد الحرام } قيل : هم المستثنون قبلُ . وقال ابن اسحاق : هي قبائل بني بكر ، كانوا دخلوا وقت الحديبية ، في المدة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش ، فلم يكن نقض إلا قريش وبنو الديل من بني بكر ، فأُمر المسلمون بإتمام العهد لمن لم يكن نقض . وقال ابن عباس : هم قريش ، وقال مجاهد : خزاعة ، وفي القولين نظر لأن قريشاً وخزاعة كانوا أسلموا وقت الأذان لأنهم أسلموا في الفتح ، والأذان بعده بسنة . قال تعالى في شأن من استثنى : { فما استقاموا لكم } على العهد ولم يغدروا ، { فاستقيمُوا لهم } على الوفاء ، أي : تربصوا بهم وانتظروا أمرهم ، فإن استقاموا لكم فاستقيموا لهم ، { إِن الله يحب المتقين } الذين إذا عاهدوا وفوا ، وإذا قالوا صدقوا . ثم كرر استبعاد وفائهم فقال : { كيف } يصح منهم الوفاء بعهدكم { و } هم { إن يظهرُوا عليكم } ويظفروا بكم في وقعة { لا يرقُبوا } أي : لا يراعوا { فيكم إلاَّ } قرابة أو حلفاً ، وقيل : ربوبية ، أي : لا يراعون فيكم عظمة الربوبية ولا يخافون عقابه ، { ولا ذمَّةً } أي : عهداً ، أو حقاً يعاب على إغفاله ، { يُرضونكم بأفواههم } بأن يعدوكم بالإيمان والطاعة ، والوفاء بالعهد ، في الحال ، مع استبطان الكفر والغدْر ، { وتأبى } أي : تمنع { قلوبهم } ما تفوه به أفواههم ، { وأكثرهم فاسقون } متمردون ، لا عقيدة تزجرهم ، ولا مروءة تردعهم ، وتخصيص الأكثر لما في بعض الكفرة من التمادي على العهد ، والتعفف عما يجر إلى احدوثة السوء . قاله البيضاوي . { اشْتَروا بآيات الله } أي : استبدلوا بها { ثمناً قليلاً } أي : عرضاً يسيراً ، وهو اتباع الأهواء والشهوات ، { فصدُّوا عن سبيله } دينه المُوصل إليه ، أو بيته بصد الحجاج عنه . { إنهم ساء ما كانوا يعملون } أيْ : قبح عملهم هذا ، أو ساء ما كانوا يعملون من كونهم { لا يرقبون في مؤمن إلاَّ ولا ذمة } فيكون تفسيراً لعملهم السوء ، لا تكريراً . وقيل : الأول في الناقضين العهد ، وهذا خاص بالذين اشتروا ، وهم اليهود ، أو الأعراب الذين جمعهم أبو سفيان وأطمعهم . وقوله تعالى { في مؤمن } : فيه إشارة إلى أن عداوتهم إنما هي لأجل الإيمان فقط ، وقوله أولاً : { فيكم } ، كان يحتمل أن يظن ظان أن ذلك للإحن التي وقعت بينهم ، فزال هذا الاحتمال بقوله : { في مؤمن } . قاله ابن عطية : { وأولئك هم المعتدون } في الشرارة والقبح . { فإن تابوا } عن الكفر ، { وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين } لهم ما لكم وعليهم ما عليكم ، { ونفصّلُ الآيات لقوم يعلمون } ، حث على تأمل ما فصل من أحكام المعاهدين وخصال التائبين . قاله البيضاوي . الإشارة : لا ينبغي للخواص أن يثقوا بمحبة العوام ، ولا يغتروا بما يسمعون من عهودهم ، فإن محبتهم على الحروف ، مهما رأوا خلاف ما أملوا من حروفهم ، وأطماعهم ، نكثوا وأدبروا ، فللعارف غِنّى بالله عنهم . وفي ذلك يقول سيدنا علي كرم الله وجهه ـ : @ مَا الفَخْرُ إِلاَّ لأَهْلِ العِلْمِ ، إِنَّهُمُ عَلَى الهُدَى لمن اسْتَهْدَى أدلاَّءُ وَقَدْرُ كل امرئ مَا كَانَ يُحسنهُ والجَاهِلُون لأَهْلِ العلْمٍ أَعْدَاءُ @@ ثم ذكر حكم من نقض العهد ، فقال : { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ } .