Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 31-31)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله أن يقول لهؤلاء الكفار وغيرهم من خلقه { من يرزقكم من السماء } بانزال المطر والغيث ، ومن الارض باخراج النبات وانواع الثمار . والرزق العطاء الجاري يقال : رزق السلطان الجند ، الا ان كل رزق ، فالله رازق به ، لانه لو لم يطلقه على يد الانسان لم يجئ منه شيء . والواحد منا يرزق غيره إلا أنه لا يطلق اسم رازق إلا على الله ، كما لا يقال : ( ربّ ) بالاطلاق إلا في الله وفي غيره يقيد ، فيقال رب الدار ورب الفرس . ويطلق فيه ، لأنه يملك الجميع غير مملك ، وكذلك هو تعالى رازق الجميع غير مرزوق ، ولا يجوز أن يخلق الله حيواناً يريد تبقيته إلا ويرزقه ، لانه إذا أراد بقاءه فلا بدّ له من الغذاء ، فان لم يرد تبقيته كالذي يولد ميتاً فانه لا رزق له في الدنيا . وقوله { أم من يملك السمع والأبصار } يعني من الذي له التصرف فيها بلا مانع يمنعه منها وان شاء اصحها وان شاء امرضها . و { من يخرج الحي من الميت } معناه من الذي يخلق الحيوان ويخرجه من امه حياً سوّياً اذا ماتت أمه { ويخرج الميت من الحي } يعني من يخرجه غير تام ولا بالغ حدّ الكمال . وقيل : معناه انه يخرج الحي من النطفة ، وهي ميتة ويخرج النطفة من الحي . وقيل : يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن . و { من يدبر الأمر } اي ومن الذي يدبر جميع الامور في السما والأرض ؟ وليس جواب ذلك لمن انصف ولم يكابر الا ان يقول : الله الفاعل لجميع ذلك . واذا قالوا ذلك واعترفوا به قيل لهم { أفلا تتقون } ومعناه فهلا تتقون خلافه وتحذرون معاصيه ؟ وفي الاية دلالة على التوحيد ؛ لأن ما ذكره في الاية يوجب أن المدبر واحد ولا يجوز أن يقع ذلك إتفاقاً ، لاحالة العقل ذلك ، ولا يجوز أن يقع بالطبيعة ؛ لأنها في حكم الموات لو كانت معقولة ، فلم يبق بعد ذلك إلا ان الفاعل لذلك قادر عالم يدبره على ما يشاء ، وهو الله تعالى ، مع ان الطبيعة مدَّبرة - مفعولة - فكيف تكون هي المدَّبرة . وإنما دخلت ( أم ) على ( من ) لأن ( من ) ليست أصل الاستفهام بل أصله الألف ، فلذلك جاز الجمع بينهما .