Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 35-35)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ أهل الكوفة الا عاصماً { يهدي } بفتح الياء وسكون الهاء وتخفيف الدال . وقرأه أهل المدينة إلا ورشاً بفتح الياء ، وسكون الهاء ، وتشديد الدال . وقرأه ابن كثير وابن عامر وابو عمرو وورش بفتح الياء والهاء وتشديد الدال ، الا أن السوسي من طريق ابن جيش لا يشبع فتحة الهاء ، وكذلك روى الحماني عن شجاع وقرأه يعقوب وحفص والاعشى والبرجمي بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال ورواه ابو بكر الا الأعشى والبرجمي بكسر الياء والهاء وتشديد الدال . قال ابو علي : من قرأ { يهدي } بفتح الياء والهاء وتشديد الدال فقد نسبهم إلى غاية الذهاب عن الحق في معادلتهم الآلهة بالله تعالى ، ألا ترى ان المعنى أفمن يهدي غيره إلى طريق التوحيد والحق أحق ان يتبع أم من لا يهتدي هو إلا أن يهدى ، والتقدير أفمن يهدي غيره فحذف المفعول الثاني ، فان قيل : هذه التي اتخذوها آلهة لا تهتدي وإن هديت لأنها موات من حجارة وأوثان ونحو ذلك ! ؟ قيل : تقدير الكلام على أنها إن هديت اهتدت وإن لم تكن في الحقيقة كذلك لأنهم لما اتخذوها آلهة عبر عنها كما يعبر عن الذي يجب له العبادة ، كما قال { ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقاً من السماوات والأرض شيئاً ولا يستطيعون } وقال { إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم } فاجرى عليه اللفظ كما يجري على من يعلم ، كأنه قال أم من لا يهدي الا ان يهدى أي أم من لا يعلم حتى يُعلم ، ومن لا يستدل على شيء حتى يدل ، وإن كان لو دل أو أعلم لم يعلم ولم يستدل . واراد الله بذلك تعجيبهم من أنفسهم وتبيين جهلهم وقلة تمييزهم في تسويتهم من لا يعلم ولا يقدر بالله القادر العالم . وقرأ حمزة والكسائي { أم من لا يهدي } معناه أم من لا يهدي غيره ، ولكن يهدى أي لا يعلم شيئاً ولا يعرّفه ، ولكن يهدى أي لا هداية له ، ولو هدي أيضاً لم يهتد ، غير أن اللفظ جرى عليه كما قلناه فيما تقدم . ومن شدد ، فلأن أصله يهتدي فأدغم التاء في الدال . ومن حرك الهاء القى حركة الحرف المدغم على الهاء لأنها من كلمة واحدة . ومن كسر الهاء لم يلق الحركة تشبيهاً بالمنفصل ، وكسر الهاء لالتقاء الساكنين . ومن سكن الهاء جمع بين الساكنين . من أشم فلأن الاشمام في حكم التحريك . ومن كسر الياء اتبع الياء ما بعدها من الكسر لان أصله يفتعل . وقال قوم : معنى { أم من لا يهدي إلا أن يهدى } لا يتحرك حتى يحرك . أمر الله تعالى نبيه أن يقول أيضاً لهؤلاء الكفار الذين اتخذوا مع الله شركاء في العبادة { هل من شركائكم } الذين تعبدونهم من دون الله أو تشركون بينهما في العبادة من يهدي غيره إلى الحق والى طريق الرشاد ، ثم قال : قل يا محمّد { الله يهدي للحق } وأفعال الخير ، ثم قال " أفمن يهدي غيره إلى الحق " والى الصراط المستقيم أولى { أن يتبع } ويقبل قوله ، { أم من لا يهدي إلا أن يهدى } أي إلا بعد أن يهدى وحكي عن البلخي أنه قال : هدى واهتدى بمعنى واحد . وقوله { فما لكم كيف تحكمون } أي بما تدعونه من عبادة - من دون الله - فالهداية المعرفة بطريق الرشاد من الغي ، فكل هداية قائدة إلى سلوك طريق النجاة بدلا من طريق الهلاك . وقال الزجاج { ما لكم } كلام تام ، كأنه قال أي شيء لكم في عبادة الأوثان ثم قال لهم { كيف تحكمون ؟ ! } على أي حال ، فموضع { كيف } نصب بـ { تحكمون } ويقال هديته للحق والى الحق بمعنى واحد .