Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 37-37)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
في هذه الآية اخبار من الله تعالى عما أمر به - عزّ وجلّ - نوحاً عليه السلام حين أيأسه من ايمان قومه فيما بعد ، وأنه مهلكهم بالطوفان . بأن يتخذ الفلك ويصنعها ، والصنع جعل الشيء موجوداً بعد أن كان معدوماً ، ومثله الفعل ، وينفصلان من الحدوث من حيث أن الصنعة تقتضي صانعاً ، والفعل يقتضي فاعلا من حيث اللفظ ، وليس كذلك الحدوث ؛ لأنه يفيد تجدد الوجود لا غير . والصناعة الحرفة التي يكتسب بها ، والفلك السفينة ، ويكون ذلك واحداً وجمعاً ، كما قيل في أُسد وأَسد قالوا : في فلك وفلك ، لأن ( فعلا وفعلا ) جمعهما واحد ، ويأتيان بمعنى واحد كثيراً يقال عجم وعجم ، وعرب وعرب ، ومثله فلك وفلك . والفلك والفلكة يقال لكل شيء مستدير أو شيء فيه استدارة ، وتفلك ثدي المرأة إذا استدار ، ومنه الفلك . وقوله { بأعيننا } معناه بحيث نراها وكأنها ترى بأعين على طريق المبالغة ، والمعنى بحفظنا إياك حفظ من يراك ويملك دفع السوء عنك . وقال الجبائي بأعين أوليائنا من الملائكة الذين يعلمونك كيفية عملها ، والموكلين بك . وقيل : معناه بعلمنا . وقوله { ووحينا } اي على ما أوحينا اليك من صفتها وحالها . قال ابن عباس : امره الله تعالى ان يبنيها على هيئة جؤجؤ الطائر . ويجوز أن يكون المراد بوحينا اليك أن اصنعها . وقوله { ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون } نهي لنوح عليه السلام أن يراجع الله تعالى ويخاطبه ويسأله في امرهم بأن يمهلهم ، ويؤخر إهلاكهم ، لانه حكم بأهلاكهم وأخبر بأنه سيغرقهم ، فلا يكون الأمر بخلاف ما أخبر به . ويجوز الامر بما علم أنه لا يكون ، ولا يجوز أن يدعو بما يعلم أنه لا يكون ، لأن في ذلك إيهاماً بأنه لا يرضى باختياره ، وليس كذلك الأمر ، لانه يتناول من يجوز عليه هذا المعنى . وكسر { إنهم } على الابتداء .