Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 38-39)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أخبر الله تعالى في هذه الاية عن نوح أنه أخذ في عمل السفينة ، قال الحسن : كان طولها ألف ذراع ومئتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع . وقال قتادة : كان طولها ثلثمائة ذراع ، وعرضها خمسين ذراعاً ، وارتفاعها ثلاثين ذراعاً ، وبابها في عرضها وقال ابن عباس : كانت ثلاث طبقات طبقة للناس ، وطبقة للطير وطبقة للدواب والوحش . وقوله { وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه } اخبار من الله عن أشراف قومه ورؤسائهم أنهم كلما اجتازوا به وهو يعمل السفينة هزئوا من فعله . وقيل : إنهم كانوا يقولون : يا نوح صرت نجاراً بعد النبوة على طريق الاستهزاء . وقال الرماني : السخرية إظهار خلاف الباطن على جهة يفهم منها استضعاف العقل ومنه التسخير : التذليل استضعافاً بالقهر . والفرق بين السخرية واللعب أن في السخرية خديعة واستنقاصاً ، ولا يكون إلا الحيوان ، وقد يكون اللعب بجماد لأنه طلب الفرجة من غير مراعاة لما يعقب ، كفعل الصبي . وانما كانوا يسخرون من عمل السفينة ، لأنه كان يعملها في البر على صفة من الهول ، ولا ماء هناك يحمل مثلها فكانوا يتضاحكون ويتعجبون من عمله . وقوله { إنا نسخر منكم كما تسخرون } جواب من نوح لهم بأنا نسخر منكم يعني نذمكم على سخريتكم ، وسماه سخرية ، كما قال { وجزاء سيئة سيئة مثلها } وقوله { ومكروا ومكر الله } وأطلق عليه إسم السخرية على وجه الازدواج . وقال قوم : معناه إن تستجهلونا في هذا الفعل فانا نستجهلكم ، كما تستجهلون ، ذكره الزجاج . وقوله { فسوف تعلمون } ( سوف ) ينقل الفعل عن الحال إلى الاستقبال مثل السين سواء إلا أن فيه معنى التسويف وهو تعليق النفس بما يكون من الامور . وقوله { من يأتيه عذاب } قيل في معنى { من } قولان : أحدهما - أن يكون بمعنى ( أي ) كأنه قال فسوف تعلمون أينا يأتيه عذاب يخزيه . الثاني - أن يكون بمعنى الذي ، والمعنى واحد ، و { من } إذا كانت استفهاماً استغنت عن الصلة ، وإذا كانت الذي فلا بدّ لها من الصلة ، كما استغنت ( كم . وكيف ) لأن البيان مطلوب من المسؤل دون السائل . والخزي العيب الذي تظهر فضيحته والعار به ، ومنه الذل والهوان . وقوله { ويحل عليه } معناه ينزل عليه . وقال الرماني : الحلول النزول للمقام وهو من الحل خلاف الارتحال . وحلول العرض وجوده في الجوهر من غير شغل حيز . وقوله { عذاب مقيم } أي دائم لا يزول .