Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 41-41)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ حمزة والكسائي { مجراها } بفتح الميم . الباقون بضمها ، وكلهم ضم ميم مرساها . ومن ضمها قابل بينها وبين مرسها لما بينهما من المشاكلة ومن فتح فلانه قال بعده " وهي تجري " ومن اختار الأول ، قال التقدير اجري فجرت . قال أبو علي الفارسي : يجوز في { بسم الله مجراها ومرساها } أن يكون حالا من شيئين : احدهما - ان يكون من الضمير الذي في { اركبوا } او من الضمير الذي في { فيها } ، فان جعلت { بسم الله مجراها } خبر مبتدأ مقدم في قول من لا يرفع بالظرف ، أو جعلته مرتفعاً بالظرف ، ولم يكن قوله { بسم الله مجراها } الا جملة في موضع الحال من الضمير الذي في { فيها } ولا يجوز أن يكون الضمير في قوله { اركبوا فيها } ، لأنه لا ذكر فيها يرجع إلى الضمير ، ألا ترى أن الظرف في قول من يرفع به ارتفع به الظاهر ، وفي قول من رفع مثل هذا بالابتداء قد حصل في الظرف ضمير المبتدأ ، فاذا كان كذلك خلت الجملة من ضمير يعود من الحال إلى ذي الحال . واذا كان كذلك لم يكن الا حالا من الضمير الذي في { فيها } . والثاني - يجوز أن يكون قوله { بسم الله } حالا من الضمير الذي في { اركبوا } على ان لا يكون الظرف خبراً عن الاسم الذي هو { مجراها } على ما كان في الوجه الأول ، ويكون المعنى اركبوا الآن متبركين ببسم الله في الوقتين اللذين لا ينفك الراكبون فيها منهما من الارساء والاجراء ، وليس يريد اركبوا في وقت الجري والرسو ، فموضع { مجراها } نصب على هذا الوجه بأنه ظرف عمل فيه على المعنى . وفي الوجه الأول رفع بالابتداء وبالظرف . ومن فتح الميم فلأنه قال " وهي تجري " . ومن ضم ، فلأن جرت بهم وأجري بهم متقاربان في المعنى ، ويقال : جرى الشيء وجريت به وأجريته ، وإنما ضموا الميم من { مرساها } لقوله { أيان مرساها } وقوله { والجبال أرساها } ومن أمال او ترك الامالة ، فكلاهما حسنان . اخبر الله تعالى عما قال نوح حين دنا ركوبهم السفينة { اركبوا فيها } يعني في السفينة ، والركوب العلو على ظهر الشيء ، فمنه ركوب الدابة وركوب السفينة وركوب البر وركوب البحر . والعامل في { بسم الله } يحتمل ثلاثة أشياء : احدها - { اركبوا } . والثاني - ابتدؤا ببسم الله . والثالث - أجراها وأرساها . والمجرى يحتمل ثلاثة اوجه : أحدها - أن يكون موضع الاجراء . والثاني - وقت الاجراء . والثالث - نفس الاجراء . وقيل : كان اذا اراد أن تجري قال { بسم الله } فجرت ، فاذا أراد أن ترسوا قال { بسم الله } فرست ذكره الضحاك . قال لبيد : @ عمرت حين ثلاثاً قبل مجرى داحس لو كان للنفس اللجوج خلود @@ والارساء إمساك السفينة بما تقف عليه أرساها إرساء ورست ترسو قال عنترة : @ فصرت نفساً عند ذلك حرة ترسوا إذا نفس الجبان تطلع @@ وقوله { إن ربي لغفور رحيم } إخبار منه تعالى حكاية عما قال نوح لقومه { إن ربي لغفور رحيم } أي ساتر عليهم ذنوبهم رحيم بهم منعم عليهم . ووجه اتصال الآية بما قبلها أنه لما ذكرت النجاة بالركوب في السفينة ذكرت النعمة بالمغفرة والرحمة ليجتلب الطاعة كما اجتلب النجاة .