Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 6-6)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه حكاية ما قال يعقوب لابنه يوسف ( ع ) وقوله له ان الله يجتبيك ، ويختارك ، ويصطفيك ويكرمك بذلك ، كما أكرمك بأن اراك في منامك هذه الرؤيا ، فوجه التشبيه وهو اعطاء الرؤيا باعطاء الاجتباء مع ما انضاف اليه من الصفات الكريمة المحمودة التي ذكرها . والاجتباء إختيار معالي الأمور للمجتبى مثل ما اختاره الله تعالى ليوسف من الخصال الكريمة والأمور السنية ، وقال الحسن : اجتباه الله بالنبوّة ، وبشره بذلك . وأصله من جبيت الشيء اذا اخلصته لنفسك ، ومنه جبيت الماء في الحوض . وموضع الكاف من و { كذلك } نصب ، والمعنى مثل ما رأيت تأويله يجتبيك ربك . { ويعلمك من تأويل الأحاديث } معناه أنه تعالى يعرفك عبارة الرؤيا - في قول قتادة ، ومجاهد - وذلك تأويل أحاديث الناس عما يرونه في منامهم ، وقيل كان أعبر الناس للرؤيا ، ذكره ابن زيد . وقال الزجاج ، والجبائي : معناه يعلمك تأويل الاحاديث في آيات الله تعالى ودلائلة على توحيده ، وغير ذلك من أمور دينه . والتأويل في الأصل هو المنتهى الذي يؤل اليه المعنى . وتأويل الحديث فقهه الذي هو حكمه ، لأنه اظهار ما يؤل اليه أمره مما يعتمد عليه وفائدته . وقوله { ويتم نعمته عليك } فاتمام النعمة هو أن يحكم بداومها على اخلاصها من شائب بها فهذه النعمة التامة بخلوصها مما ينغصها ، ولا تطلب الا من الله تعالى لانه لا يقدر عليها سواه . وقوله { كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق } اخبار من يعقوب ليوسف أن الله تعالى يديم عليه هذه النعمة ، كما أدامها على أبويه قبله : ابرهيم وإسحق ، واصطفائه إياهما وجعله لهما نبيين رسولين الى خلقه ثم أخبر مع ذلك أن الله تعالى عليم بمن يصلح أَن يجتبى ، حكيم في اجتبائه من يجتبيه واضع للشيء في موضعه ، وفي غير ذلك من افعاله . قال الفراء : قوله { وكذلك يجتبيك ربك } جواب لقوله إِني رأيت أحد عشر كوكبا ، فقيل له ، وهكذا يجتبيك ربك ( فكذلك ، وهكذا ) سواء في المعنى ، وقال ابن اسحاق إنما قص الله تعالى قصة يوسف علي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ليعلمه أنه بغى عليه أخوته وحسدوه ، فيسليه بذلك من بغي قومه عليه وحسدهم اياه .