Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 45-46)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ الكسائي وحده { لتزول } بفتح اللام الأولى ، وضمِّ الثانية . وروي ذلك عن علي ( ع ) . الباقون بكسر اللام الاولى وفتح الثانية . قال أبو علي : من كسر اللام الأولى وفتح الثانية جعل ( إِن ) بمعنى ( ما ) والتقدير وما كان مكرهم لتزول ، ومثل ذلك قوله { إِن الكافرون إِلاّ في غرور } ومعناه ما الكافرون ، ومعنى الآية { وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم } اي جزاء مكرهم ، فحذف المضاف كما حذف من قوله { ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم } اي جزاؤه ، والمعنى قد عرف الله مكرهم ، فهو يجازيهم عليه وما كان مكرهم لتزول منه الجبال . و { الجبال } كأنه اراد بها القرآن وأمر النبي صلى الله عليه وسلم وأعلامه ودلالاته أي ما كان ليزول منه ما هو مثل الجبال في امتناعه ممّن أَراد إِزالته . ومن قرأ بفتح اللام الأولى وضمّ الثانية جعل ( إِن ) هي المخففة من الثقيلة على تعظيم أمر مكرهم ، وهو في تعظيم مكرهم ، كما قال في موضع آخر { ومكروا مكراً كبّاراً } أي قد كان مكرهم من الكبر والعظم بحيث يكاد يزيل ما هو مثل الجبال في الامتناع ، على من أراد إِزالته ومثله في تعظيم الأمر قول الشاعر : @ ألم ترَ صدعاً في السماء مبينا على ابن لبينى الحارث بن هشام @@ وقال آخر : @ بكى حارث الجولان من موت ربه وحوران منه خاشع متضائل @@ وقال أوس : @ ألم تكسف الشمس شمس النهار مع النجم والقمر الواجب @@ فهذا كله على تعظيم الامر وتفخيمه ويدل على ان الجبال يعني بها أمر النبي صلى الله عليه وسلم قوله بعد ذلك { فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله } اي بعد وعدك الظهور عليهم والغلبة لهم في قوله { ليظهره على الدين كله } وفي قوله { قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون } وقد استعمل لفظ الجبال في غير هذا في تعظيم الشيء وتفخيمه قال ابن مقبل : @ اذا مت عن ذكر القوافي فلن ترى لها شاعراً مثلي اطب واشعرا واكثر بيتاً شاعراً ضربت به بطون جبال الشعر حتى تيسرا @@ يقول الله تعالى للكفار { أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم زوال } مما انتم عليه من النعيم وأنتم { سكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم } بارتكاب المعاصي وكفران نعم الله ، فأهلكهم الله { وضربنا لكم الأمثال } والمعنى ان مثلكم كمثلهم في الاهلاك اذا اقمتم على ما اقاموا عليه ، من الفساد والتتابع في المعاصي { ومكروا مكرهم } يعني الكفار الذين ظلموا انفسهم مكروا بالنبي صلى الله عليه وسلم واحتالوا له ، ومكروا بالمؤمنين وخدعوهم { وعند الله } جزاء مكرهم ، ولم يكن مكرهم ليبطل حجج القرآن وما معك من دلائل النبوّة ، فلا يبطل شيء منه ، لانه ثابت بالدليل والبرهان . وعلى القراءة الأولى ولو كان مكرهم يزيل الجبال من عظمه وشدته ، لما أزال أمر النبي صلى الله عليه وسلم لانه أثبت من الجبال . وروي عن علي ( ع ) وجماعة انهم قرؤوا { وإن كاد مكرهم } من المقاربة . قال سعيد بن جبير وغيره : ان قوله { ومكروا مكرهم } نزلت في صاحب النسرين الذي أراد صعود السماء . وقال قوم : مكرهم كفرهم بالله وشركهم في عبادته .