Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 9-10)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
آيتان في الكوفي وثلاث آيات في المدنيين والبصري تمام الأولى قوله { وثمود } . قيل فيمن يتوجه الخطاب اليه في قوله { ألم يأتكم نبؤا } قولان : احدهما - قال الجبائي : إِنه متوجه الى امة النبي صلى الله عليه وسلم ذكروا بأخبار من تقدم وما جرى من قصصهم . والثاني - قال قوم : إِنه من قول موسى ( ع ) لأنه متصل به في الآية المتقدمة يقول الله لهم { ألم يأتكم } اي اما جاءكم اخبار من تقدمكم . والنبأ الخبر عما يعظم شأنه يقال : لهذا الامر نبؤ اي عظم شأن يقال انبأ ينبىء ، ونبَّأت أنبّىء ، وبنأ الله محمداً اي جعله نبياً ، وتنبأ مسيلمة اي ادعى النبوة ، وليس هو كذلك . و { قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم } كل ذلك مجرور بأنه بدل من الكاف والميم في قوله { قلبكم } وهو مجرور بالاضافة . وقوله { لا يعلمهم إِلا الله } اي لا يعلم تفاصيل أحوالهم وما فعلوه ، وفعل بهم من العقوبات ، ولا عددهم { إلا الله } ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم " كذب النسابون " . وقوله { جاءتهم رسلهم بالبينات } اي اتتهم رسلهم بالدلالات الواضحات { فردوا أيديهم في أفواههم } وقيل في معناه خمسة اقوال : احدها - قال عبد الله بن مسعود ، وابن زيد : انهم عضوا على اناملهم تغيظاً عليهم في دعائهم الى الله ، كما قال { عضو عليكم الأنامل من الغيظ } وثانيها - قال الحسن : جعلوا أيديهم في افواه الانبياء تكذيباً لهم ورداً لما جاؤوا به . الثالث - قال مجاهد ردوا نعمتهم بأفواههم . الرابع - قال قوم : يحتمل ان يكونوا ردوا أيدي أنفسهم في أفواه نفوسهم مومئن لهم اي اسكتوا عما تدعونا إِليه ، كما يفعل الواحد منا مع غيره إِذا أراد تسكيته . روي ذلك عن ابن عباس ذكره والفراء . وخامسها - قال قوم : ردوا ما لو قبلوه ، لكانت نعمة عليهم في افواههم اي بأفواههم والسنتهم ، كما يقولون ادخلك الله بالجنة يريدون في الجنة وهي لغة طي ، قال الفراء : انشدني بعضهم : @ وارغب فيها عن لقيط ورهطه ولكنني عن سنبس لست ارغب @@ فقال ( ارغب فيها ) يريد بها يعنى بنتاً له ، يريد : ارغب بها عن لقيط ، ولا ارغب بها عن قبيلته . وقوله { إنا كفرنا بما أرسلتم به } حكاية ايضاً عما قالوا للرسل فإِنهم قالوا : إِنا قد كفرنا بما ارسلتم به من الدعاء الى الله وحده وتوجيه العبادة إِليه ، والعمل بشرائعه { وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب } والريب اخبث الشك المتهم ، وهو الذي يأتي بما فيه التهمة ؛ ولذلك وصفوا به الشك اي انه يوجب تهمة ما اتيتم به يقال : اراب يريب إِرابة إِذا أتى بما يوجب الريبة ، فقالت لهم حينئذ رسلهم { أفي الله شك } مع قيام الأدلة على وحدانيته وصفاته ، لانه الذي خلق السموات والارض يدعوكم الى عبادته ليغفر لكم من ذنوبكم اذا أطعتموه . ودخلت ( من ) ها هنا - في قول أبي عبيدة - زائدة ، وأنكر سيبويه زيادتها في الواجب ، وقال أبو علي : دخلت للتبعيض ووضع البعض موضع الجميع توسعاً . وقال قوم : دخلت ( من ) لتكون المغفرة بدلا من الذنوب ، فدخلت ( من ) لتضمن المغفرة معنى البدل من السيئة { ويؤخركم إلى أجل مسمى } يعنى لا يؤاخذكم بعاجل العذاب ، بل يؤخر الى الوقت الذي ضربه الله لكم ان يمسكم فيه ، فقال لهم قومهم { إن أنتم إلا بشر مثلنا } اي ليس انتم الا خلق مثلنا تريدون ان تمنعونا عما كان يعبد اباؤنا من الاصنام والاوثان ، فاتونا بحجة واضحة على ما تدعونه وبطلان ما نحن عليه . وفي الآية دلالة واضحة على انه تعالى اراد بخلقه الخير والايمان ، لا الشر والكفر ، وأنه إِنما بعث الرسل الى الكفار رحمة وتفضلا ، ليؤمنوا ، لا ليكفروا ، لان الرسل قالت : ندعوكم الى الله ليغفر لكم ، فمن قال إِن الله أرسل الرسل الى الكفار ليكفروا بهم ويكونوا سوءاً عليهم ووبالاً ، وانما دعوهم ليزدادوا كفراً فقد ردّ ظاهر القرآن .