Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 72-78)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال ابن عباس معنى { لعمرك } وحياتك . وقال غيره : هو مدة حياته وبقائه حياً بمعنى لعمرك ومدة بقاءك حيّاً . والعَمر والعُمر واحد ، غير أنه لا يجوز في القسم إِلا بالفتح ، قال ابو عبيدة : ارتفع لعمرك وهي يمين ، والأيمان تكون خفضاً إِذا كانت الواو في أوائلها ، ولو كانت وعمرك لكانت خفضاً ، ولذلك قولهم : لحق لقد فعلت ذلك ، وإِنما صارت هذه الأيمان رفعاً بدخول اللام في اولها ، لانها أشبهت لام التأكيد ، فأما قولهم : عمرك الله أفعل كذا ، فإِنهم ينصبون ( عمرك ) وكذلك ينصبون ( الله لافعلن ) . قال المبرد : لا أفتحها يميناً ، بل هي دعاء ومعناه اسأل الله لعمرك . قال المبرد : والتقدير : لعمرك ما اقسم به ، ومثله : عليّ عهد الله لأفعلن ، فعهد الله رفع بالابتداء ، وفيه معنى القسم ، وكذلك ( لاها الله ذا ) . قال الخليل : ( ذا ) معناه ما أقسم عليه . وحكي عن الاخفش أنه قال : ( ذا ) ما اقسم به ، لانه قد ذكر الله ، وكلاهما حسن جميل . وقوله { إنهم لفي سكرتهم يعمهون } فالسكرة غمور السهو للنفس وهؤلاء في سكرة الجهل { يعمهون } اي يتحيرون ، ولا يبصرون طريق الرشد . وقوله { فأخذتهم الصيحة مشرقين } فالأخذ فعل يصير به الشيء في جهة الفاعل ، فالصيحة كأنها أخذتهم بما صاروا في قبضتها حتى هلكوا عن آخرهم . والصيحة صوت يخرج من الفم بشدة . ويقال : إِن الملك صاح بهم صيحة أهلكتهم . ويجوز ان يكون جاء صوت عظيم من فعل الله كالصيحة . والاشراق ضياء الشمس بالنهار شرقت الشمس تشرق شروقاً اذا طلعت ، وأشرقت إِشراقاً اذا أضاءت وصفت . ومعنى { مشرقين } داخلين في الاشراق . وقوله { فجعلنا عاليها سافلها } والجعل حصول الشيء على وجه لم يكن بقادر عليه لولا الجعل ، ومثله التصيير ؛ والمعنى : انه قلب القرية فجعل أسفلها اعلاها واعلاها أسفلها { وأمطرنا عليهم حجارة } اي أرسلنا الحجارة ، كما يرسل المطر { من سجيل } وقيل في معناه قولان : احدهما - انها من طين وهو معرّب . وقيل هو من السجل ، لانه كان عليها أمثال الخواتيم بدلالة قوله { حجارة من طين مسوّمة عند ربك } والثاني - انها حجارة معدة عند الله تعالى للمجرمين ، وأصله ( سجين ) فابدلت النون لاماً . فان قيل ما معنى امطار الحجارة عليهم مع انقلاب مدينتهم ؟ قلنا فيه قولان : احدهما - أنه أمطرت الحجارة أولاً ثم انقلبت بهم المدينة . الثاني - ان الحجارة أخذت قوماً منهم خرجوا من المدينة بحوائجهم قبل الفجر - في قول الحسن - ثم اخبر تعالى ان فيما حكاه آيات ودلالات للمتوسمين . قال مجاهد يعنى المتفرسين . وقال قتادة : يعنى المعتبرين . وقال ابن زيد : المتفكرين . وقال الضحاك : الناظرين . وقال ابو عبيدة : المتبصرين . والمتوسم الناظر في السمة الدالة . وقوله { إنها لبسبيل مقيم } معناه إِن الاعتبار بها ممكن لان الآيات التي يستدل بها مقيمة ثابتة بها وهي مدينة سدوم ، والهاء كناية عن المدينة التي أهلكها الله ، وهي مؤنثة . ثم قال ان ان فيما قصّ من حكاية هذا المدينة { لآية للمؤمنين } ودلالة لهم . وقيل في وجه إِضافة الآية الى المؤمنين قولان : احدهما - انه يصلح ان يستدل بها . والآخر - انه يفعل الاستدلال بها . وتضاف الآية الى الكافر بشرط واحد ، وهو أنه يمكنه الاستدلال بها . وقوله { وإِن كان أصحاب الأيكة لظالمين } فالأيكة الشجرة في قول الحسن والجمع الايك كشجرة وشجر . وقيل : الأيكة الشجر الملتف قال امية : @ كبكاء الحمام على فروع الايـ ـك في الطير الجرائح @@ وقيل الايكة الغيضة واصحاب الايكة هم أهل الشجر الذين أرسل اليهم شعيب ( ع ) وأرسل الى اهل مدين ، فأهلكوا بالصيحة ، واصحاب الايكة فأهلكوا بالظلة التي احترقوا بنارها . وفي قول قتادة ، فأخبر الله تعالى انه اهلك اصحاب الأيكة بظلمهم وعتوهم وكفرهم بآيات الله وجحدهم نبوة نبيه . وقال ابن خالويه : الأيكة أسم القرية ، والايكة أسم البلد ، كما ان مكة اسم البلد ، ومكة اسم البيت . ولم يصرفوا الأيكة للتعريف والتأنيث ، ويجوز ان يكونوا تركوا صرفه ، لانه معدول عن الالف واللام ، كما ان شجر معدول عن الشجر ، فلذلك لم يصرفوه .