Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 120-124)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اخبر الله تعالى عن ابراهيم ( ع ) انه { كان أمّة } واختلفوا في معناه ، فقال ابن مسعود : معناه إِنه معلم الخير قدوة { قانتاً لله } مطيعاً . قال بعضهم : كان ذا أمّة { قانتاً لله } . وقال قتادة : معناه إِنه امام هدى . والقانت الذي يدوم على العبادة لله ، وقيل : جعل { أمة } لقيام الامة به . والحنيف المستقيم على طريق الحق . وقوله { ولم يك } يعني ابراهيم { من المشركين } الذين يعبدون مع الله غيره ، بل كان موحداً { شاكراً لأنعمه } اي بل كان شاكراً لنعمه معترفاً بها { اجتباه } يعني اختاره الله واصطفاه { وهداه إلى صراط مستقيم } اي حكم بأنه على صراط مستقيم اي لطف له حتى اهتدى الى طريق الحق . وقوله { وآتيناه في الدنيا حسنة } اي اعطيناه جزاء على هدايته في هذه الدنيا حسنة ، وهي : تنويه الله بذكره في الدنيا بطاعته لربه ، ومسارعته الى مرضاته ، وإِخلاصه لعبادته ، حتى صار إِماماً يقتدى به ، وعلماً يهتدى بسنته . قال قتادة : حتى ليس من اهل دين إِلا وهو يتولاه ويرضاه . وقال الحسن : معنى { حسنة } يعني نبوته . وقوله { وإِنه في الآخرة لمن الصالحين } اخبار منه تعالى انه مع إيتائه الحسنة في الدنيا هو في الآخرة من جملة الصالحين . وانما لم يقل : لفي اعلى منازل الصالحين ، مع اقتضاء حاله ذلك ، لمدح من هو منهم ، والترغيب في الصلاح ليكون صاحبه في جنب ابراهيم ، وناهيك هذا الترغيب في الصلاح ، وهذا المدح لابراهيم أن يشرف جملة هو منها ، حتى يصير الاستدعاء اليها بأنه فيها . وقوله { أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً } أي أمرناك ان اتّبع ملة ابراهيم حنيفا مستقيم الطريق ، في الدعاء الى توحيد الله ، وخلع الانداد ، والعمل بسنته ، { وما كان } يعني ابراهيم { من المشركين } بعبادة الله غيره . وقوله { إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه } اختلفوا في معناه ، قال الحسن : معناه انه جعله عليهم بأن لعنهم بالمسخ لاعتدائهم فيه . واختلافهم فيه كان بأن قال بعضهم : هو اعظم الايام حرمة ، لانه تعالى فرغ فيه من خلق الاشياء كلها . وقال آخرون : بل الاحد أفضل ، لانه ابتدا أخلق الاشياء فيه . وقال مجاهد ، وابن زيد : عدلوا عمّا أمروا به من تعظيم الجمعة . ووجه اتصال هذه الاية بما تقدم أنه لما أمر باتباع الحق ، حذّر من الاختلاف فيه ، بما ذكره من حال المختلفين في السبت ، بما ليس لهم ان يختلفوا فيه ، فشدد عليهم فرضه ، وضيق عليهم أَمره وقال قوم : معنى { اختلفوا فيه } اي خالفوا فيه ، لأنهم نهوا عن الصيد فيه فنصبوا الشباك يوم الجمعة ، ودخل فيها السمك يوم السبت ، فأخذوه يوم الاحد . ثم قال { وإن ربك } يا محمد { ليحكم بينهم } أي يفصل بينهم يوم القيامة في الذي كانوا مختلفين فيه ، ويبين لهم الصحيح من الفاسد .