Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 37-37)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ اهل الكوفة { يهدي } بفتح الياء وكسر الدال . الباقون بضم الياء وفتح الدال ، ولم يختلفوا في ضم ياء يضل وكسر الضاد . فمن فتح الياء وكسر الدال احتمل ذلك امرين : احدهما - انه اراد ان الله لا يهدي من يضله . والثاني - أن من اضله الله لا يهتدي . ومن ضم الياء أراد من أضله الله لا يقدر أحد ان يهديه ، وقوّوا ذلك بقراءة أُبي { لا هادي لمن اضل الله } واسم الله تعالى اسم ( إِن ) و ( يضل ) الخبر . ومعنى اضلال الله - ها هنا - يحتمل امرين : احدهما - ان من حكم الله بضلاله وسماه ضالاً ، لا يقدر أحد ان يجعله هاديا ويحكم بذلك . والثاني - إِن من أضله الله ( عز وجل ) عن طريق الجنة لا احد يقدر على هدايته اليها ، ولا يقدر هو ايضا على أن يهتدي اليها . يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { إن تحرص } يا محمد على ان يؤمنوا ويهتدوا الى الجنة ، فهم بسوء اختيارهم لا يرجعون عن كفرهم ، والله تعالى قد حكم بكفرهم وضلالهم واستحقاقهم للعقاب ، فلا أحد يقدر على خلاف ذلك . و ( من ) في الوجهين في موضع رفع ، فمن ضم الياء رفعها لأنها لم يسّم فاعلها ، ومن فتح الياء ، فلانها الفاعل . والمراد بالآية التسلية للنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه لمن لا يفلح بالاجابة ، لانهماكه في الكفر ، وان ذلك ليس تقصيراً من جهتك بل انه ليس الى فلاح مثل هذا سبيل . وقوله { وما لهم من ناصرين } معناه ليس لهم ناصر ينصرهم ويخلصهم من العقاب ، وذلك يبين انه ليس المراد بالآية الضلال عن الدين ، وانما المراد ما قلناه من عدولهم عن الثواب الى العقاب . والحرص طلب الشيء بجد واجتهاد ، تقول : حرص يحرص حرصاً ، وحرص يحرص بكسر الراء في الماضي ، وفتحها في المستقبل ، والاول لغة أهل الحجاز .