Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 5-7)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الأنعام جمع نعم ، وهي الإبل ، والبقر ، والغنم ، سميت بذلك لنعومة مشيها بخلاف ذات الحافر الذي يصلب مشيها . ونصب بفعل مقدر يفسره ما بعده ، والتقدير وخلق الأنعام خلقها ، وإِنماً نصب لمكان الواو العاطفة على منصوب قبله . وقوله { خلقها لكم } تمام ، لأن المعنى خلق الأنعام لكم أي لمنافعكم . ثم أخبر ، فقال { فيها دفء } والدفء ما استدفأت به . وقال الحسن يريد ما استدفىء به من أوبارها ، وأصوافها ، وأشعارها . وقال ابن عباس : هو اللباس من الأكيسة وغيرها ، كأنه سمي بالمصدر ومنه دفوء يومنا دفأ ، ونظيره ( الكنّ ) قال الفراء : كتبت ( دفء ) بغير همز ، لأن الهمزة إِذا سكن ما قبلها حذفت من الكتاب ، ولو كتبت في الرفع بالواو ، وفي النصب بالألف وفي الخفض بالياء كان صواباً . وقال قتادة { فيها دفء ومنافع } معناه منفعة هي بلغة ، من الألبان وركوب ظهرها { ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون } وذاك أعجب ما يكون إِذا راحت عظاماً ضروعها طوالاً أسنمتها { وحين تسرحون } إِذا سرحت لرعيها . فالسروح خروج الماشية إِلى المرعى بالغداة . والاراحة رجوعها من المرعى عشياً : سرحت الماشية سرحاً وسروحاً وسرحها أهلها قال الشاعر : @ كأن بقايا الاثر فوق متونه مدب الدبا فوق النقا وهو سارح @@ وقوله { وتحمل أثقالكم } يعني هذه الانعام تحمل أثقالكم ، وهو جمع ثقل ، وهو المتاع الذي يثقل حمله ، وجمعه أثقال { لم تكونوا بالغيه إِلا بشق الأنفس } والبلوغ المصير إِلى حد من الحدود ، بلغ يبلغ بلوغاً وأبلغه إِبلاغاً ، وبلَّغه تبلغاً وتبلّغ تبلّغاً وتبالغ تبالغاً ، والشق المشقة ، وفيه لغتان ، فتح الشين وكسرها ، فالكسر عليه القراء السبعة . وبالفتح قرأ أبو جعفر المدني . والشق أيضاً أحد قسمي الشيء الذي في احدى جهتيه ، وقال قتادة : معناه بجهد الأنفس ، وكسرت الشين من شق الانفس مع أن المصدر بفتح الشين لأمرين : احدهما - قال قوم : هما لغتان في المصدر ، قال الشاعر : @ وذي إِبل يسعى ويحسبها له أخي نصب من شقها ودؤوب @@ بالكسر والفتح ، وقال العجاج : @ اصبح مسحول يوازي شقا @@ بالكسر والفتح بمعنى يقاسي مشقة ، وقال قوم : ان المعنى إِلا بذهاب شق قوى النفس ذكره الفراء والزجاج ، واختاره الطبري . وقوله { إن ربكم لرءوف رحيم } أي رؤوف بكم رحيم ، ومن رحمته أنه خلق لكم الانعام لتنتفعوا بها ، على ما ذكره .