Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 25-27)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى مخاطباً للمكلفين من عباده إِنه أعلم بهم ، ومعناه إِن معلوماته أكثر من معلوماتكم ، وقد يقال : أعلم بمعنى أثبت فيما به يعلم ، فيجيء من هذا إِن الله تعالى أعلم بأن الجسم حادث من الانسان العالم به . وكذلك كل شيء يمكن ان يعلم على وجوه متغايرة ، فالله تعالى عالم به على تلك الوجوه وإِن خفي على الواحد منا بعضها . ومعنى { بما في نفوسكم } اي بما تضمرونه وتخفونه عن غيركم ، فالله أعلم به منكم ، وفي ذلك غاية التهديد . ثم قال { إن تكونوا صالحين } اي تفعلون الأفعال الصالحة الحسنة الجميلة ، فان الله { كان للأوابين غفوراً } معنى { الأوّابين } التوابين وهم الذين يتوبون مرة بعد مرة - في قول سعيد بن المسيب - كلما أذنب ذنباً بادر بالتوبة . وقال سعيد بن جبير ، ومجاهد : الأواب هو الراجع عن ذنبه بالتوبة . وأصله الرجوع يقال : آب يؤوب أوباً إِذا رجع من سفره ، قال عبيد بن الأبرص . @ وكل ذي غيبة يؤب وغائب الموت لا يؤب @@ ثم قال { وآت ذا القربى حقه } وهو أمر من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ان يعطي ذوي القربي حقوقهم التي جعلها الله لهم ، فروي عن ابن عباس والحسن : انهم قرابة الانسان . وقال علي بن الحسين ( ع ) : هم قرابة الرسول ، وهو الذي رواه ايضاً اصحابنا . وروي انه لما نزلت هذه الآية استدعى النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة ( ع ) وأعطاها فدكاً وسلمه اليها ، وكان وكلاؤها فيها طول حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما مضى النبي صلى الله عليه وسلم أخذها ابو بكر ، ودفعها عن النحلة . والقصة في ذلك مشهورة ، فلما لم يقبل بيّنتها ، ولا قبل دعواها طالبت بالميراث ، لأن من له الحق إِذا منع منه من وجه جاز له ان يتوصل اليه بوجه آخر ، فقال لها : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة " فمنعها الميراث أيضاً وكلامهما في ذلك مشهور ، لا نطول بذكره الكتاب . وقوله { والمسكين وابن السبيل } أي واعطوا هؤلاء أيضاً حقوقهم التي جعلها الله لهم من الزكوات وغير ذلك . ثم نهاهم عن التبذير بقوله { ولا تبذر تبذيراً } والتبذير التفريق بالاسراف . وقال عبد الله : التبذير إِنفاق المال في غير حقه ، وهو قول ابن عباس وقتادة . وقال مجاهد لو انفق مدّاً في باطل كان تبذيرا . ثم قال { إِن المبذرين كانوا إِخوان الشياطين } وقيل في معناه قولان . احدهما - إِن الشيطان أخوهم باتباعهم آثاره وجريهم على سنته . والثاني - انهم يقرنون بالشيطان في النار . ثم أخبر عن حال الشيطان بأنه كفور لنعم الله تعالى وجاحد لآلائه .