Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 28-30)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى { وإِمّا تعرضنّ } وتقديره ، وإِن تعرض و ( ما ) زايدة . والمعنى : ومتى ما صرفت وجهك عنهم ، يعني عن الذين أمروا بإِعطائهم حقوقهم ممن تقدم ذكره ، لأنه قد يعرض عند عوز ما طلبوه ، ليبتغي الفضل من الله ، والسعة التي يمكنه معها البذل ، والتقدير وإِذا أتتك قرابتك أو سواهم من المحتاجين يسألونك فأعرضت عنهم , لأنه لا شيء عندك ، فقل لهم قولا حسناً ، اي عدهم عدة جميلة . والاعراض صرْف الوجه عن الشيء ، وقد يكون عن قلى , وقد يكون للاشتغال بما هو الاولى ، وقد يكون لاذلال الجاهل مع صرف الوجه عنه ، كما قال { وأعرض عن الجاهلين } وقوله { ابتغاء رحمة من ربك ترجوها } والابتغاء الطلب . وقوله { ترجوها } معناه تأملها ، والرجاء تعلق النفس بطلب الخير ممن يجوز منه ، ومن يقدرعلى كل خير وصرف كل شر ، فهو أحق بأن يرجا ، ولذلك قال أمير المؤمنين ( ع ) ( ألا لا يرجون احدكم إِلا ربه ، ولا يخافن إِلا ذنبه ) . وقوله : { وقل لهم قولاً ميسوراً } المعنى إِذا أعرضت ابتغاء رزق من ربك ، فقل لهم قولا ليناً سهلا ، مثل : زقنا الله تعالى ، وهو قول الحسن ومجاهد وابراهيم وغيرهم . وقال ابن زيد : تعرض عنهم إِذا خشيت أن ينفقوا بالعطية على معاصي الله ، فيكون تبتغي رحمة من الله لهم بالتوبة ، وأصل التيسير التسهيل ، واليسر خلاف العسر ، وقد يكون التيسير بالتقليل ، فيسهل عليه لقلته ، ويكون بمنزلة المعونة على عمله . ثم قال تعالى { ولا تجعل يدك مغلولة إِلى عنقك } أي لا تكن ممن لا يعطي شيئاً ولا يهب ، فتكون بمنزلة من يده مغلولة إِلى عنقه ، لا يقدر على الاعطاء وذلك مبالغة في النهي عن الشحّ والامساك { ولا تبسطها كل البسط } أي ولا تعط ايضاً جميع ما عندك ، فتكون بمنزلة من بسط يده حتى لا يستقر فيها شيء وذلك كناية عن الاسراف . وقوله { فتقعد ملوماً محسوراً } معناه إِن امسكت قعدت ملوماً عند العقلاء مذموماً ، وإِن اسرفت بقيت محسوراً ، أي مغموماً متحسراً ، وأصل الحسر الكشف من قولهم ، حسر عن ذراعيه يحسر حسراً ، إِذا كشف عنهما . والحسرة الغم لانحسار ما فات ، ودابة حسير إِذا كلت لشدة السير ، لانحسار قوتها بالكلال . وكذلك قوله { ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير } والمحسور المنقطع به لذهاب ما في يده ، وانحساره انقطاعه عنه ، قال الهذلي : @ إِن العسير بها داء مخامرها فشطرها نظر العينين محسور @@ ثم قال { إِن ربك } يا محمد { يبسط الرزق لمن يشاء } فيوسعه عليه على حسب ما يعلم له من المصلحة فيه { ويقدر } أي يضيق عليه لعلمه بما فيه من الصلاح ، كما قال { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض } وقوله { إنه كان بعباده خبيراً بصيراً } أي وهو عالم بأحوالهم ، لا يخفى عليه ما يصلحهم ، وما يفسدهم ، فيفعل معهم بحسب ذلك .