Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 64-66)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ حفص وحده { ورجلك } بكسر الجيم . الباقون بتسكينها . من سكن أراد جمع ( راجل ) مثل صاحب وصحب ، وراكب وركب . ومن كسر اراد قولهم : رجل يرجل ، فهو راجل . قوله : { واستفزز … وأجلب } صورته صورة الأمر والمراد به التهديد ، وجرى مجرى قوله { اعملوا ما شئتم } وكما يقال للانسان : اجهد جهدك ، فسترى ما ينزل بك ، وانما جاء التهديد بصيغة الامر ، لأنه بمنزلة من امر باهانة نفسه ، لان هذا الذي يعمله هوان له وهو مأمور به . ومعنى { استفزز } استزل ، يقال : استفزه واستزله بمعنى واحد ، وتفزز الثوب اذ تمزق ، وفززه تفززاً ، وأصله القطع ، فمعنى استفزه استزله بقطعه عن الصواب { من استطعت منهم } فالاستطاعة قوة تنطاع بها الجوارح للفعل ، ومنه الطوع والطاعة ، وهو الانقياد للفعل . وقيل في الصوت الذي يستفزهم به قولان : احدهما - قال مجاهد : صوت الغناء واللهو . الثاني - قال ابن عباس : هو كل صوت يدعا به الى معصية الله . وقيل : كل صوت دعي به الى الفساد ، فهو من صوت الشيطان . وقال : { وأجلب عليهم بخيلك } فالاجتلاب السوق بجلبة من السائق . وفي المثل ( اذا لم تغلب فاجلب ) يقال : جلب يجلب جلباً واجلب إِجلاباً ، واجتلب اجتلاباً ، واستجلب استجلاباً ، وجلّب تجليباً مثل صوّت ، واصل الجلبة شدة الصوت ، وبه يقع السّوق . وقوله : { بخيلك ورجلك } قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : كل راكب او ماشٍ في معصية الله من الانس والجن ، فهو من خيل ابليس ورجله ، والرجل جمع راجل مثل تجر وتاجر ، وركب وراكب . وقوله : { وشاركهم في الأموال والأولاد } فمشاركته إِياهم في الاموال كسبها من وجوه محظورة او إِنفاقها في وجوه محظورة ، كما فعلوا في السائبة والبحيرة والحام ، والاهلال به لغير الله ، وغير ذلك . ومشاركته في الاولاد ، قال مجاهد والضحاك : فهم اولاد الزنا . وقال ابن عباس : الموؤدة . وقيل : من هوّدوا ونصّروا ، في قول الحسن وقتادة . وقال ابن عباس في رواية : هو تسميتهم عبد الحارث ، وعبد شمس ، وما اشبه ذلك . وقيل : ذلك واحد من هذه الوجوه ، وهو أعم . وقوله : { وعدهم } اي منّهم البقاء وطول الأمل . ثم قال تعالى { وما يعدهم الشيطان } أي ليس يعدهم الشيطان { إلا غروراً } ونصب على انه مفعول له [ اي ليس يعدهم الشيطان الا لأجل الغرور ] . ثم قال تعالى { إن عبادي } يعني الذين يطيعوني ويقرّون بتوحيدي ويصدقون أنبيائي ، ويعملون بما اوجبه عليهم ، وينتهون عن معاصيّ { ليس لك } يا ابليس { عليهم } حجة ولا سلطان . قال الجبائي : معناه ان عبادي ليس لك عليهم قدرة ، على ضرّ ونفع اكثر من الوسوسة ، والدعاء الى الفساد ، فأمَّا على كفر أو ضرر ، فلا ، لانه خلق ضعيف متخلخل ، لا يقدر على الاضرار بغيره . ثم قال { وكفى بربك } اي حسب ربك { وكيلاً } اي حافظاً ، ومن يسند الامر اليه ويستعان به في الامور . ثم خاطب تعالى خلقه فقال : { ربكم الذي خلقكم } هو الذي { يزجي لكم الفلك في البحر } قال ابن عباس : معناه يجريها ، وبه قال قتادة ، وابن زيد يقال : أزجى يزجي ازجاء إِذا ساق الشيء حالاً بعد حال { لتبتغوا من فضله } اي لتطلبوا فضل الله في ركوب البحر من الارياح وغيرها { إنه كان بكم رحيماً } اي منعماً عليكم راحم لكم ، يسهل لكم طرق ما تنتفعون بسلوكه ديناً ودنيا .