Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 67-69)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن كثير وابو عمرو { أن نخسف … أو نرسل … أن نعيدكم … فنرسل } بالنون فيهن . الباقون بالياء . الا ابا جعفر ، وورش ، فانهما قرأا " فتغرقكم " بالتاء يردَّانه الى الريح . ومن قرأ بالنون اراد الاخبار من الله عن نفسه . ومن قرأ بالياء اراد أن محمداً اخبر عن الله ، والمعنيان متقاربان . وقال ابو علي : من قرأ بالياء فلانه تقدم { ضل من تدعون إلا إياه ، فلما نجاكم إلى البر … أفأمنتم أن يخسف بكم } ومن قرأ بالنون ، فلان مثله قد ينقطع بعضه عن بعض . والمعنى واحد ، يقول الله تعالى لخلقه : انه اذا نالكم الضر ، وانتم ركاب البحر بان أشرفتم على الهلاك وخبّ بكم البحر وماجت الامواج { ضل من تدعون } اي يكون بمنزلة من يضل عنكم ، ولا ينجيكم من اهواله الا الله تعالى . وانما خص البحر بذكر النجاة ، لان له اهوالاً هيجانية وخبة ، لا يطمع عاقل في ان ينجيه احد منه الا الذي خلق النفس وانعم بما وهب من العقل والسمع والبصر . وقال : اذا دعوتموه في تلك الحال ، ونجاكم ، وخلصكم ، واخرجكم منه الى البر اعرضتم عن ذكر الله ، والاعتراف بنعمه . ثم قال تعالى : { وكان الإنسان كفوراً } لنعم الله تعالى ، ثم قال مهدداً لهم : { أفأمنتم } اي هل أمنتم اذا ضربتم في البرّ { أن يخسف بكم } جانبه ويقلب اسفله اعلاه فتهلكون عند ذلك ، كما خسفنا بمن كان قبلكم من الكفار نحو قوم لوط وقوم فرعون { أو يرسل عليكم حاصباً } بمعنى حجارة تحصبون بها او ترمون بها . والحصباء الحصى الصغار ، ويقال : حصب الحصى يحصبه حصباً اذ رماه رمياً متتابعاً ، والحاصب ذو الحصب . والحاصب فاعل الحصب { ثم لا تجدوا لكم وكيلاً } أي من يدفع ذلك عنكم . ثم قال : { أم } اي هل { أمنتم أن يعيدكم } في البحر دفعة اخرى بان يجعل لكم الى ركوبه حاجة { فيرسل عليكم قاصفاً من الريح } فالقاصف الكاسر بشدة قصفه يقصفه قصفاً ، فهو قاصف ، وتقصف شعره تقصفاً ، وانقصف الرجل انقصافاً . وقصّف الشيء تقصيفاً ، { فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعاً } اي من يتبع إِهلاككم للمطالبة بدمائكم او يأخذ بثاركم ، وقيل ان القاصف الريح الشديدة تقصف الشجر بشدّتها . وانما قيل : حاصب على وزن فاعل لامرين : احدهما - ريح حاصب أي تحصب الحجارة من السماء ، قال الشاعر : @ مستقبلين شمال الشام يضربنا بحاصب كنديف القطن منثور @@ وقال الآخر : @ ولقد علمت إِذا العشار تروحت حتى تبيت على العصاة حفالا @@ الثاني - حاصب ذو حصب .