Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 28-30)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن عامر وحده { بالغدوة والعشي } بضم الغين والواو ، وإسكان الدال . الباقون بفتح الغين والدال ، ومع الالف ، ولا يجوز عند أهل العربية إدخال الالف واللام على غدوة ، لانها معرفة ، ولو كانت نكرة لجاز فيها الاضافة ولا يجوز غدوة يوم الجمعة كما يجوز غداة يوم الجمعة . وقال ابو علي النحوي من أدخل الالف واللام ، فانه يجوز - وإن كان معرفة - أن تنكر ، كما حكى أبو زيد لقيته فينة . والفينة بعد الفينة ، ففينة مثل غدوة فى التعريف ، ومثل قولهم : اما النضرة ، فلا نضرة ، فأجري مجرى ما يكون سائغاً في الجنس . ومن قرأ بالغداة ، فقوله أبين . وقال ابن خالويه : العرب تدخل الالف واللام على المعرفة إذا جاؤا بما فيه الالف واللام ليزدوج الكلام ، قال الشاعر : @ وجدنا الوليد بن اليزيد مباركا شديداً باعباء الخلافةَ كاهله @@ فادخل الالف واللام على اليزيد لما جاور الوليد ، فلذلك أدخل ابن عامر الالف واللام فى ( الغدوة ) لما جاور العشي . والعرب تجعل ( بكرة وغدوة وسحر ) معارف إذا أرادوا اليوم بعينه . أمر الله تعالى نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) بالصبر على جملة المؤمنين الذين يدعون الله بالغداة والعشي ، والصبر على ثلاثة اقسام : صبر واجب مفروض وهو ما كان على اداء الواجبات التي تشق على النفس وتحتاج الى التكلف . والثاني - ما هو مندوب فان الصبر عليه مندوب اليه . والثالث مباح جائز ، وهو الصبر على المباحات التي ليست بطاعة لله . وقوله { يريدون وجهه } معناه يريدون تعظيمه والقربة اليه دون الرياء والسمعة ، فذكر الوجه بمعنى لاجل التعظيم ، كما يقال اكرمته لوجهك أي لتعظيمك لان من عادتهم أن يذكروا وجه الشيء ويريدون به الشيء المعظم . كقولهم هذا وجه الرأي أي هذا الرأي الحق المعظم . وقوله { ولا تعد عيناك عنهم } معناه لا تتجاوز عيناك الى غيرهم ولا تنصرف وقيل انها نزلت في سلمان واصحابه الى سواهم من أرباب الدنيا الممرحين فيها { تريد } بذلك { زينة الحياة الدنيا . ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا } نزلت في عيينة بن حصين . وقيل في معناه ثلاثة أقوال : احدها - لا تطع من صادفناه غافلا عن ذكرنا كقولهم احمدت فلانا أي صادفته محموداً فهو من باب صادفناه على صفة . الثاني - لا تطع من سميناه غافلا ، ونسبناه الى الغفلة كقولهم أكفرناه أي نسبناه الى الكفر . والثالث - لا تطع من أغفلنا قلبه أي جعلناه غافلا بتعرضه للغفلة . وقيل لم يسمه الله بما يسم به قلوب المؤمنين مما ينبئ عن فلاحهم ، كما قال { كتب في قلوبهم الإيمان } { واتبع هواه } يعني الذي أغفلناه عن ذكرنا { اتبع هواه ، وكان أمره فرطاً } معناه تجاوزاً للحق وخروجاً عنه ، من قولهم أفرط إفراطاً اذا أسرف ، فاما فرّط فمعناه قصر عن التقدم الى الحق الذي يلزمه . وقيل معناه وكان أمره سرفا . ثم أمر الله نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) أن يقول لهم الذي أتيتكم به هو الحق من ربكم الذي خلقكم { فمن شاء فليؤمن ، ومن شاء فليكفر } صورته صورة الأمر والمراد به التهديد وهو آكد فى التهدد من جهة أنه كأنه مأمور بما يوجب اهانته . ثم أخبر أنه أعد للظالمين العصاة ناراً أحاط بهم سرادقها فالسرادق المحيط بما فيه مما ينقل معه والاصل سرادق الفسطاط قال رؤبة : @ يا حكم بن المنذر بن الجارود سرادق المجد إليك ممدود @@ وقال ابن عباس سرادقها حائط من نار يطيف بهم ، وقيل سرادقها دخانها قبل وصولهم اليها . وقيل السرادق ثوب يدار حول الفسطاط . وقوله { وإن يستغيثوا } معناه إن طلبوا الغوث والنجاة ، وطلبوا ماء لشدة ما هم فيه من العذاب { أغيثوا بماء كالمهل } والمهل كل شيء أذيب حتى ماع ، كالصفر والرصاص والذهب والحديد ، وغير ذلك - فى قول ابن مسعود - وقال مجاهد : هو القيح والدم . وقال ابن عباس هو دردي الزيت . وقال سعيد بن جبير هو الشيء الذي قد انتهى حره { يشوي الوجوه } أي يحرقها من شدة حرّه إذا قربت منه . ثم قال تعالى مخبراً عن ذلك بأنه { بئس الشراب } يعني ذلك المهل { وساءت مرتفقاً } وقيل معناه المتكأ من المرفق ، كما قال أبو ذؤيب : @ بات الخلي وبت الليل مرتفقاً كان عينيّ فيها الصاب مذبوح @@ وقيل هو من الرفق . وقال مجاهد معناه مجتمعاً كأنه ذهب به الى معنى مرافقة . ثم أخبر تعالى عن المؤمنين الذين يعملون الصالحات من الطاعات ويجتنبون المعاصي بأنه لا يضيع أجر من أحسن عملا ولا يبطل ثوابه . وقيل في خبر { إن الذين آمنوا } ثلاثة أقوال : احدها - ان خبره قوله { أولئك لهم جنات عدن } ويكون قوله { إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً } اعتراضاً بين الاسم والخبر . الثاني - ان يكون الخبر إنا لا نضيع أجره ، إلا انه وقع المظهر موقع المضمر . والثالث - أن يكون على البدل ، فلا يحتاج الأول الى خبر ، كقول الشاعر : @ إن الخليفة ان الله سربله سربال ملك به ترجى الخواتيم @@ فاخبر عن الثاني وأضرب عن الأول .