Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 38-41)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ نافع - في رواية المسيبي - وابن عامر ، وابو جعفر ، ورويس ، والبرجمي ، والعبسي { لكنا هو الله ربي } باثبات الالف فى الوصل ، وهي قراءة ورش عن نافع . والباقون بغير الف في الوصل . ولم يختلفوا في الوقف أنه بألف . وقد جاء الاثبات فى الوصل ، قال الاعشى : @ فكيف أنا وانتحالى القوافي بعد المشيب كفى ذاك عارا @@ غير ان ذلك من ضروة الشعر ، ويجوز في { لكنا هو الله ربي } خمسة أوجه في العربية . احدها - لكن هو الله - بالتشديد - من غير الف في الوصل والوقف . الثاني - بالف في الوصل والوقف . الثالث - لكننا باظهار النونين وطرح الهمزة . الرابع - لكن هو الله ربي بالتخفيف . الخامس - لكن انا على الاصل . وقال الكسائي : العرب تقول : أن قائم بمعنى أنا قائم ، فهذا نظير { لكن هو الله } ومن قرأ لكنا في الوصل احتمل امرين : أحدهما - أن يجعل الضمير المتصل مثل المنفصل الذي هو نحن ، فيدغم النون من { لكن } - لسكونها - فى النون من علامة الضمير ، فيكون على هذا باثبات الالف وصلا ووقفاً ، لان أحداً لا يحذف الالف من ( انا فعلنا ) . وقوله { هو الله } فهو ضمير علامة الحديث والقصة . كقوله { فإذا هي شاخصة } وقوله { قل هو الله أحد } والتقدير : الامر : الله احد ، لأن هذا الضمير يدخل على المبتدإ والخبر ، فيصير المبتدأ والخبر في موضع خبر وعاد على الضمير الذي دخلت عليه ( لكن ) على المعنى ، ولو عاد على اللفظ لقال : لكنا هو الله ربنا . ودخلت ( لكن ) مخففة على الضمير ، كما دخلت في قوله { إنا معكم } والوجه الاخر - أن يكون ما حكاه سيبويه أنه سمع من يقول أعطني يبضة فشدد وألحق الهاء بالتشديد للوقف ، والهاء مثل الالف في سبساء ، والياء فى ( عيهل ) واجرى الهاء مجراهما فى الاطلاق ، كما كانت مثلهما في نحو قوله : @ صفية قومي ولا تجزعي وبكى النساء على حمزة @@ وهذا الذي حكاه سيبويه ليس فى شعر ، فكذلك الآية يكون الالف فيها كالهاء ، ولا تكون الهاء للوقف لأن هاء الوقف لا يبين بها المعرب ، ولا ما ضارع المعرب فعلى احد هذين الوجهين يكون قول من اثبت الالف في الوصل أو عليهما جميعاً ، ولو كانت فاصلة ، لكان مثل { فأضلونا السبيلاً } وفى ( أنا ) فى الوصل ثلاث لغات أجودها ( أنا قمت ) كقوله { أنا ربكم الأعلى } بغير ألف في اللفظ ، ويجوز ( أنا قمت ) باثبات الالف ، وهو ضعيف جداً وحكوا أن قمت باسكان النون ، وهو ضعيف أيضاً وأما { لكنا هو الله ربي } باثبات الالف فهو الجيد ، لان الهمزة قد حذفت من انا فصار اثبات الالف عوضاً عن الهمزة ، وحكي أن أبياً قرأ { لكن أنا هو الله } قال الزجاج وهو الجيد البالغ ، وما قرأه القراء ايضاً جيد . وقوله { قلت ما شاء الله } تحتمل { ما } أن تكون رفعاً ، وتقديره قلت الأمر ما شاء الله ، ويجوز ان تكون نصباً على معنى الشرط والجزاء . والجواب مضمر وتقديره أي شيء شاء الله كان ، وتضمر الجواب ، كما تضمر جواب ( لو ) في قوله { ولو أن قرآنا سيرت به الجبال } والمعنى لكان هذا القرآن . ومعنى { لا قوة إلا بالله } لا يقدر أحد إلا بالله ، لان الله هو الذي يفعل القدرة للفعل . وقوله { إن ترني أنا أقل } منصوب بأنه مفعول ثان لـ { ترني } و { أنا } تصلح لشيئين : احدهما - ان تكون توكيداً للنون والياء . والثاني - ان تكون فصلا كما تقول : كنت انت القائم يا هذا ، ويجوز رفع { أقل } وبه قرأ عيسى بن عمر على ان يكون { أنا } مبتدأ و { أقل } خبره . والجملة في موضع المفعول الثاني - لـ { ترني } وقوله { غوراً } قراه البرجمي بضم الغين - ها هنا - وفي الملك ، وانما جاز ان يقع المصدر في موضع الصفة في ماء غور ، للمبالغة ، كما تقول في الحسن وجهه : نور ساطع ، وقال الشاعر : @ تظل جياده نوحاً عليه مقلدة أعنتها صفونا @@ حكى الله تعالى عن الذي قال لصاحبه { أكفرت بالذي خلقك من تراب } أنه قال { لكن هو الله ربي } ومعناه لكن أنا هو الله ربي إلا أنه حذف الهمزة ، والقى حركتها على الساكن الذي قبلها ، فالتقت النونان ، وأدغمت احداهما في الاخرى ، كما قال الشاعر : @ ويرمينني بالطرف أي انت مذنب ويقلينني لكن إياك لا أقلى @@ أي لكن أنا . وقوله { ولا أشرك بربي أحداً } أي لا أشرك بعبادتي أحداً مع الله بل أوجهها إليه خالصة له وحده . وإنما استحال الشرك فى العبادة ، لانها لا تستحق إلا باصول النعم التي لاتواز بها نعمة منعم ، وذلك لا يقدر عليه أحد إلا الله . ثم قال له { ولولا إذ دخلت جنتك } والمعنى هلا حين دخلت جنتك { قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله } لاحد من الخلق { إن ترني أنا أقل منك مالاً وولداً فعسى ربي أن يؤتيني } بمعنى ان يعطيني خيراً من جنتك جنة في الدار الآخرة { وأن يرسل عليها } أي على جنتك حسباناً من السماء . قال ابن عباس ، وقتادة : عذاباً . وقيل ناراً من السماء تحرقها . وقيل أصل الحسبان السهام التي ترمى لتجري في طلق واحد ، وكان ذلك من رمي الأساورة . والحسبان المرامي الكثيرة مثل كثرة الحساب واحده حسبانة . وقوله { فتصبح صعيداً زلقاً } أي تراباً محترقاً . والزلق الذي لا نبات فيها . وقال الزجاج : الصعيد الطريق الذي لا نبات فيه أي ملساء ما أنبتت من شيء قد ذهب . وقال الزجاج : المعنى ويرسل عليها عذاب حساب بما كسبت يداك ، لان الحسبان هو الحساب . وقوله { أو يصبح ماؤها غوراً } أي ذاهباً في باطن غامض . والمعنى غائراً ، فوضع المصدر موضع الصفة ونصب على الحال ولذلك لا يثنى ولا يجمع . وقوله { فلن تستطيع له طلباً } أي لا تقدر على طلب الماء إذا غار ، والطلب تقليب الأمر لوجدان ما يهلك . قال الرماني هذا أصله ، ثم قيل للمريد من غيره فعلا : طالب لذلك الفعل بارادته او أمره والمفكر في المعنى ( طالب ) لادراك ما فيه وكذلك السائل .