Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 45-46)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أمر الله تعالى نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) أن يضرب المثل للدنيا تزهيداً فيها ، وترغيباً فى الآخرة بأن قال : إن مثلها كمثل ماء أنزله الله من السماء { فاختلط به نبات الأرض } أي نبت بذلك الماء المنزل من السماء نبات ، فالتفت بعضه ببعض يرون حسناً وغضاضة . ثم عاد { هشيماً } أي مكسوراً مفتتاً { تذروه الرياح } فتنقله من موضع الى موضع فانقلاب الدنيا بأهلها كانقلاب هذا النبات . ثم قال { وكان الله على كل شيء } اراده { مقتدراً } أي قادراً ، لا يجوز عليه المنع منه . والتذرية تطيير الريح الاشياء الخفيفة على كل جهة ، يقال : ذرته الريح تذروه ذرواً ، وذرته تذريه وأذرته اذراء قال الشاعر : @ فقلت له صوب ولا تجهدنه فيذرك من أخرى القطاة فتزلق @@ وأذريت الرجل عن الدابة إذا ألقيته عنها ، والهشيم النبات اليابس المتفتت . وقال الحسن : معنى { وكان الله على كل شيء مقتدراً } أي كان قادراً ان يكوّنه قبل أن يكون ، وقبل أن يكون . وهو اخبار عن الماضي ودلالة على المستقبل ، وهذا المثل للمتكبرين الذين اغتروا بأموالهم ، واستنكفوا من مجالسة فقراء المؤمنين ، فأخبرهم الله أن ما كان من الدنيا لا يراد به الله ، فهو كالنبت الحسن على المطر لا مادة له فهو يروق ما خالطه ذلك الماء ، فاذا انقطع عنه عاد هشيماً تذروه الرياح لا ينتفع به . وقوله { المال والبنون زينة الحياة الدنيا } اخبار منه تعالى أن كثرة الاموال التي يتمولها الانسان ويملكها في الدنيا . والبنين الذين يرزقهم الله زينة الحياة الدنيا ، أي جمال الدنيا وفخرها { والباقيات الصالحات } يعني الطاعات لله تعالى ، لانه يبقى ثوابها أبداً ، فهي خير من نفع منقطع لاعاقبة له ، والباقيات يفرح بها ويدوم خيرها ، وهي صالحات بدعاء الحكيم اليها وأمره بها . وقال ابن عباس { الباقيات الصالحات } الطاعات لله . وروي في أخبارنا أن من الباقيات الصالحات ، والامور الثابتات : القيام بالليل لصلاة الليل . والأمل الرجاء ، ومعنى { خير أملاً } أن الرجاء للعمل الصالح والأمل له خير من الأمل للعمل الطالح .