Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 47-49)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو { تسير } لتأنيث الجبال ورفع الجبال ، لأنه اسم ما لم يسم فاعله ، ولانه قال { وسيرت الجبال فكانت سراباً } ولأن ابياً قرأ { ويوم سيرت الجبال } ، فاذا كان الماضي { سيرت } كان المضارع تسير . الباقون { نسير } بالنون ، اخبار من الله تعالى عن نفسه . ونصب الجبال وهو مفعول به لـ { نسير } وحجتهم قوله { وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً } ونصب { ويوم نسير } باضمار فعل ، وتقديره واذكر يا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) يوم نسير الجبال . وقوله { وترى الأرض بارزة } أي ظاهرة فلا يتستر منها شيء ، لان الجبال إذا سيرت عنها وصارت دكا ملساء ظهرت وبرزت . وقيل { وترى الأرض بارزة } أي يبرز ما فيها من الكنوز والأموات ، فهو مثل قول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) " ترمي الارض بافلاذ كبدها " وأجاز بعض البصريين ان ينصب { ويوم } بقوله { والباقيات الصالحات خير ثواباً } في يوم تسير الجبال فـ { الباقيات الصالحات } قيل الطاعات . وقيل الصلوات الخمس وقيل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر . وروي عن أبي جعفر ( ع ) أنه قال ( القيام بالليل لصلاة الليل ) . وسمع بعضهم عزّى صديقاً له ، فقال : ابنك كان زينة الدنيا ، ولو بقي كان سيداً مثلك ، وإذ استأثر الله به ، فجعله من الباقيات الصالحات ، والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملا ، فتسلى بذلك . يقول الله تعالى لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) اذكر يوم نسير الجبال ، والتسيير تطويل السير وقد يكون بمعنى ان يجعله يسير ، وهذا هو معنى تسيير الجبال ، وانما يسيرها [ الله تعالى ، ويخبر به ، لما في ذلك من الاعتبار في الدنيا . وقيل يسيرها ] بأن يجعلها هباء منبثاً ، ومعنى { وترى الأرض بارزة } أي لا شيء يسترها ، يحشر الخلائق حتى يكونوا كلهم على صعيد واحد ، ويرى بعضهم بعضاً ، وكل ذلك من هول يوم القيامة ، أخبر الله به للاعتبار به والاستعداد بما يخلص من أهواله . وقوله { وحشرناهم } أي بعثناهم وأحييناهم بعد أن كانوا أمواتاً { فلم نغادر منهم أحداً } أي لم نترك واحداً منهم لا نحشره . والمغادرة الترك ، ومنه الغدر ترك الوفاء ، ومنه الغدير لترك الماء فيه . وقيل : نغادر نخلف . وقيل : أغدرت وغادرت واحد . وقوله { وعرضوا على ربك صفاً } قيل معناه انهم يعرضون صفاً بعد صف كالصفوف فى الصلاة . وقيل المعنى انهم يعرضون على ربهم لا يخفى منهم أحد فكأنهم صف واحد . وقيل : انهم يعرضون ، وهم صف ، ويقال لهم { لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة } يعني جئتم الى الموضع الذي لا يملك الأمر فيه أحد إلا الله ، كما خلقناكم أول مرة لا تملكون شيئاً . وروي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال " يحشرون حفاة عراة عزّلا " فقالت عائشة : أفما يحتشمون يومئذ ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) { لكل امرء منهم يومئذ شأن يغنيه } ويقال لهم أيضاً { بل زعمتم } في دار الدنيا { أن لن نجعل لكم موعداً } يعني يوم القيامة ، وانكم انكرتم البعث والنشور . ثم قال تعالى { ووضع الكتاب } يعني الكتب التي فيها أعمالهم مثبتة { فترى المجرمين مشفقين مما فيه } اي يخافون من وقوع المكروه بهم والاشفاق الخوف من وقوع المكروه مع تجويز ألا يقع ، وأصله الرقة ، ومنه الشفق : الحمرة الرقيقة التي تكون في السماء ، وشفقة الانسان على ولده رقته عليه . وقوله { ويقولون } الواو واو الحال وتقديره قائلين { يا ويلتنا } وهذه لفظة ، من وقع فى شدة دعا بها و { ما لهذا الكتاب } اي شيء لهذا الكتاب { لا يغادر صغيرة ولا كبيرة } أي لا يترك صغيرة ولا كبيرة من المعاصي { إلا أحصاها } بالعدد وحواها . و { لا يغادر } في موضع نصب على الحال { ووجدوا ما عملوا حاضراً } اخبار منه تعالى أنهم يجدون جزاء ما عملوا فى ذلك الموضع ، ولا يبخس الله أحداً حقه فى ذلك اليوم ولا ينقصه ثوابه الذي استحقه . وقيل معناه ووجدوا أعمالهم مثبتة كلها ويعاقب كل واحد على قدر معصيته .