Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 53-55)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ اهل الكوفة { قبلا } بضم القاف والباء . الباقون بكسر القاف وفتح الياء . فمن قرأ بضم القاف والباء أراد جمع قبيل نحو قميص وقمص . وقال قوم : القبيلة بنو أب . والقبيل يعبر بها عن الجماعة وإن اختلفت أنسابهم واحتجوا بقول النابغة : @ جوانح قد أيقنّ ان قبيله إذا ما التقى الجمعان اول غالب @@ وجمع القبيلة قبائل . والقبائل أيضاً قبائل الرأس ، وهي عروق مجرى الدمع من الرأس ، وسمي أيضاً شئوناً ، واحدها شأن . ومن قرأ بكسر القاف وفتح الباء أراد مقابلة ، أي معاينة . ويحتمل أيضاً الضم ، ذلك ، ذكره الفراء والزجاج ، وهما لغتان . اخبر الله تعالى عن المجرمين والعصاة أنهم إذا شاهدوا نار جهنم ورأوها { فظنوا } اي علموا { أنهم مواقعوها } ولم يجدوا عن دخلولها معدلا ولا مصرفاً ، لأن معارفهم ضرورية ، فالظن ها هنا بمعنى العلم . وقد يكون الظن غير العلم ، وهو ما قوي عند الظان كون المظنون على ما ظنه مع تجويزه ان يكون على خلافه . والاجرام قطع العمل الى الفساد . واصله القطع ، يقال : هذا زمن الجرام أى زمن الصرام يعني زمان قطع الثمرة عن النخل . والمواقعة ملابسة الشيء بشدة ، ومنه وقائع الحروب وأوقع به ايقاعاً . وتواقعوا تواقعاً . والتوقع الترقب لوقوع الشيء ، والمصرف المعدول . وهو موضع الذي يعدل اليه ، صرفه عن كذا يصر صرفاً . والموضع مصرف قال ابو كثير : @ ازهير هل عن شيبة من مصرف أم لا خلود لباذل متكلف @@ وقوله { ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل } اخبار من الله تعالى انه نقل المعاني فى الجهات المختلفة فى هذا القرآن ، فتصريف المثل فيه تنقيله في وجوه البيان على تمكين الأفهام . والمعنى بيّنا للناس من كل مثل يحتاجون اليه . ثم اخبر تعالى عن حال الانسان فقال { وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً } أي خصومة . والجدل شدة الفتل عن المذهب بطريق الحجاج . واصله الشدة ، ومنه الاجدل الصقر لشدته ، وسير مجدول شديد الفتل . وقوله { وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين } معناه ما منعهم من الايمان بعد مجيء الدلالة وان يستغفروا ربهم على ما سبق من معاصيهم إلا طلب ان يأتيهم سنة الأولين ، من مجيء العذاب من حيث لا يشعرون ، او مقابلة من حيث يرون . وإنما هم بامتناعهم من الايمان بمنزلة من يطلب هذا حتى يؤمن كرهاً ، لانهم لا يؤمنون حتى يروا العذاب الاليم ، كما يقول القائل لغيره ما منعك ان تقبل قولي إلا ان تضرب ، إلا انك لم تضرب ، لأن مشركي العرب طلبوا مثل ذلك ، فقالوا { اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم }