Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 6-8)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الله تعالى لنبيه محمد ( صلى الله عليه وسلم ) { فلعلك } يا محمد قاتل نفسك ومهلكها على آثار قومك الذين قالوا : { لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً … } تمرداً منهم على ربهم بأنهم لم يؤمنوا بهذا الكتاب الذي أنزلته عليك ، فيصدقوا بأنه من عند الله - حزناً وتلهفاً ووجداً - بادبارهم عنك واعراضهم عن قبول ما اتيتهم به . و { أسفاً } نصب على المصدر . يقال بخع نفسه يبخعها بخعاً وبخوعاً ، قال ذو الرمة : @ ألا ايهذا الباخع الوجد نفسه لشئ نحته عن يديه المقادر @@ يريد ( نحته ) فخفف . وما ذكرناه قول قتادة وغيره . وقوله { أسفاً } قال قتادة : معناه غضباً وتقديره : فلعلك باخع نفسك إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً يعنى غضباً . وقال مجاهد : معناه جزعاً . وفى رواية أخرى عن قتادة : حزناً عليهم . وفى رواية ثالثة عن قتادة حذراً . وكسرت { إن } لانها في معنى الجزاء ولو فتحت لجاز قال الشاعر : @ اتجزع أن بان الخليط المودع وحبل الصفا من عزة المتقطع @@ وهذا معاتبة من الله لرسوله على وجده بمباعدة قومه إياه فيما دعاهم اليه من الايمان به والبراءة والآلهة والانداد ، وكان بهم رحيماً ، وهو قول ابن اسحاق . وقوله { إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها } معناه انا جعلنا الذي على الارض من انواع المخلوقات جمادها وحيوانها ونباتها { زينة لها } يعني للارض { لنبلوهم أيهم } أي لنختبر عبادنا { أيهم أحسن عملاً } يعني من اتبع امرنا ونهينا وعمل فيها بطاعتنا ، وهو قول مجاهد . قوله تعالى { وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً } فيه اخبار من الله تعالى انا مخربوها بعد عمارتنا إياها بما جعلنا عليها من الزينة فنصيرها صعيداً جرزاً ، والصعيد ظهر الارض ، والجرز الذي لا نبات عليه ولا زرع ولا غرس . وقيل انه أراد بالصعيد - ها هنا - المستوي من وجه الارض . وقال ابن عباس : معناه نهلك كل شيء عليها زينة . وقال مجاهد : { جرزاً } أي بلقعاً . وقال قتادة : هو ما لا شجر فيه ولا نبات . وقال ابن زيد : الجرز الارض التي ليس فيها شيء ، بدلالة قوله { أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعاً } يعنى الارض التي ليس فيها شيء من النبات . والصعيد المستوي قال : وهو كقوله تعالى { لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً } قال سيبويه : يقال جرزت الارض فهي مجروزة وجرزها الجراد والنعم ، وارضون اجراز اذا كان لا شيء فيها ، ويقال للسنة المجدبة جرز ، وسنون أجراز لجدوبها ويبسها وقلة امطارها . قال الراجز : @ قد جرفتهن السنون الأجراز @@ ويقال : أجرز القوم إذا صارت ارضهم جرزاً ، وجرزوا هم أرضهم أكلوا نباتها كله .