Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 9-10)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الله تعالى لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) { أم حسبت } يا محمد ، والمراد به أمته أي أحسبت { أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً } بل ما خلقت من السموات والارض وما بينهن من العجائب اعجب من اصحاب اهل الكهف ، وحجتي بذلك ثابتة على هؤلاء المشركين من قومك وغيرهم من جميع عبادي ، وهو قول مجاهد وقتادة وابن اسحاق . وقال قوم : معناه { أم حسبت } يا محمد { أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً } فان الذي آتيتك من العلم والحكمة أفضل منه ، وهو قول ابن عباس . وقال الجبائي : المعنى أحسبت { أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً } ولو لم نعلمك ذلك لما علمته . والاول أشبه ، لأن الله تعالى جعل انزال سورة الكهف احتجاجاً على الكفار بما واطأهم عليه اليهود ، والمراد بالكهف في الآية كهف الجبل الذي أوى اليه القوم الذين قص الله شأنهم وذكر اخبارهم في هذه السورة . واختلفوا في معنى { الرقيم } فقال قوم : هو اسم قرية - ذهب اليه ابن عباس - وفى رواية أخرى عنه : أنه واد بين غضبان ، وايلة ، دون فلسطين ، وهو قريب من ايلة . وقال عطية : { الرقيم } واد . وقال قتادة : { الرقيم } اسم الوادي الذي فيه اصحاب الكهف . وقال مجاهد : { الرقيم } كتاب تبيانهم . وفي رواية ايضاً عن ابن عباس أن { الرقيم } هو الكتاب . وقال سعيد بن جبير : هو لوح من حجارة كتبوا فيه قصص اصحاب الكهف ثم وضعوه على باب الكهف ، وهو اختيار البلخي والجبائي وجماعة . وقيل : جعل ذلك اللوح في خزائن الملوك ، لانه من عجائب الامور . وقيل بل جعل على باب كهفهم . وقال ابن زيد : { الرقيم } كتاب ، ولذلك الكتاب خبر ، فلم يخبر الله عن ذلك الكتاب وما فيه . وقرأ قوله { وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون } وقال : هو اسم جبل اصحاب الكهف ، روى ذلك عن ابن عباس . وقيل : إن اسم ذلك الجبل ( تيحلوس ) وقيل تياحلوس . وقد روي عن ابن عباس أنه قال : كل القرآن أعلمه إلا ( حنان ) و ( الأواه ) و { الرقيم } . واختار الطبري أن يكون ذلك اسماً لكتاب أو لوح أو حجر كتب فيه . والرقيم ( فعيل ) أصله مرقوم ، صرف الى فعيل مثل جريح بمعنى مجروح وقتيل بمعنى مقتول يقال : رقمت الكتاب أرقمه إذا كتبته ومنه الرقيم في الثوب لأنه خط يعرف به ثمنه . وقيل للحبة أرقم لما فيها من الآثار ، وتقول العرب عليك بالرقمة [ بمعنى عليك برقمة الوادي حيث الماء ] ودع الضفة أي الجانب . والضفتان جانبا الوادي ، ولعل من ذهب الى أن الرقيم الوادي : ذهب الى رقمة الوادي . وقوله { إذ أوى الفتية إلى الكهف } معناه { أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً } حين { أوى الفتية إلى الكهف } أي حين جاء أصحاب الكهف الى الكهف ، كهف الجبل هرباً بدينهم الى الله ، قالوا إذ أووه { ربنا آتنا من لدنك رحمة } رغبة منهم الى ربهم في أن يرزقهم من عنده رحمة . وقوله { وهيء لنا من أمرنا رشداً } معناه انهم قالوا يسر لنا ما نبتغي ونلتمس من رضاك أي دلنا على ما فيه نجاتنا والهرب من الكفر بك ومن عبادة الأوثان التي يدعونا اليها قومنا { رشداً } أي رشداً الى العمل الذي تحب . وقيل إن هؤلاء الفتية كانوا مسلمين على دين عيسى ( ع ) وكان ملكهم يعبد الأصنام ، فهربوا بدينهم منه . وقال آخرون : هربوا من الملك بجناية اتهموا بها فدخلوا الكهف . ويجوز { رشداً } - بضم الراء وتسكين الشين - غير أنه لم يقرأ به - ها هنا - أحد ، لأن أواخر الآيات كلها على وزن ( فَعَل ) فلم يخالفوا بينها .